استمرارًا لدور الأزهر فى دعم القضية الفلسطينية، عقد جناح الأزهر الشريف بمعرض القاهرة الدولى للكتاب فى دورته 55، ندوة تثقيفية بعنوان "القضية الفلسطينية قصة شعب ومسؤولية أمة"، بحضور الدكتور طارق فهمى، أستاذ العلوم السياسية والباحث المختص فى الشؤون الإسرائيلية، والدكتور أحمد هويدي، أستاذ الدراسات اليهودية بكلية الآداب جامعة القاهرة، والدكتور الحسينى حماد، مدرس التاريخ المعاصر بجامعة الأزهر، وأدار الندوة الإعلامى الدكتور أسامة رسلان، عضو هيئة التدريس بجامعة الأزهر، المشرف على وحدة اللغة الإنجليزية بمرصد الأزهر باللغات الأجنبية؛ وتناولت الندوة المنظور الصحيح لمقاربة القضية الفلسطينية دينيا وتاريخيًا، والفرق بين الصهيونية واليهودية.
وقال الدكتور طارق فهمى، أستاذ العلوم السياسية والباحث المختص فى الشؤون الإسرائيلية، أن الخطورة فى القضية الفلسطينية تكمن فى التعامل مع صعود اليمين المتطرف، لأن حرب الكيان الصهيونى على غزة أثبتت أننا نتعامل مع مجموعة من الهواة الإسرائيليين، ليسوا سياسيين أو وزراء محنكين، فأغلبهم من جماعات العنف والتطرف والإرهاب، مؤكدًا أننا نتعامل مع مجموعة إسرائيلية إرهابية ليس لها تاريخ سياسى أو حزبي، ويمارسون إبادة جماعية وأعمال إجرامية، ولا يسمعون لصوت العقل، بل يهدفون لتصعيد الأوضاع بصورة كبيرة لجر المنطقة لأزمات، ويجبروا الفلسطينيين أما على القتل أو التهجير خارج أرضهم.
وأوضح الدكتور طارق فهمى، أن ما يجرى فى غزة من استهداف الكيان الصهيونى للأبرياء، ومن تحولات هيكلية، هو استهداف للعرب والمسلمين جميعًا ويفسر أنه لأول مرة فى تاريخ مواجهات الصراع العربى الإسرائيلى تنقل المقاومة الفلسطينية الصراع إلى أرض إسرائيل، مبينًا أن المجتمع الإسرائيلى أصبح مجتمعًا متطرفًا، ولم يعد متماسكًا، وأصبح يتجه بقوة أكبر للتطرف، وأكثر عداونية مما كان عليه فى السابق، ويريد أن تستمر الحرب على غزة لتحقيق أجنداتهم المشبوهة، موضحًا أن حرب الكيان الصهيونى على غزة، كشفت عن الوجه الحقيقى للصهيونية، ولولا الجهد المصرى الكبير المبذول لزادت وتيرة إسرائيل الإجرامية عن حدها؛ مؤكدًا أن الهجمة ستستمر على الأزهر الشريف بقيادة فضيلة الإمام الأكبر أ.د/ أحمد الطيب، شيخ الأزهر، بسبب الجهود الحثيثة والمواقف الشجاعة الداعمة للقضية الفلسطينية، وسيظل محور اتهام من الكيان الصهيونى الذى يزيف التاريخ والحقائق ولا يقدر المواقف النبيلة من مؤسسة الأزهر العريقة، التى لا يزايد أحد على دورها فى خدمة قضايا الأمة وعلى رأسها القضية الفلسطينية .
وأشار الدكتور أحمد هويدي، أستاذ الدراسات اليهودية بكلية الآداب جامعة القاهرة، أن هناك فرق كبير جدًا بين الصهيونية واليهودية، وعندما نفرق بين المفاهيم المختلفة يتضح لنا أن العبرية يقصد بها اللغة وليس الدين، فالعبرى الإسرائيلى هو الشخص القادر على فهم الأركان الأربعة التى تخص اللغة العبرية التحدث، الاستماع، الكتابة، القراءة، واليهودى هو الشخص الذى يتبع الديانة اليهودية التى نزلت على النبى موسى لبنى إسرائيل وجاءت بوصايا وقيم دمروها بأفعالهم، أما الصهيونية فهى تعنى باستخدام مفاهيم ومصطلحات قديمة تناسب العصر الحديث، مثل الديموقراطية بين الشعوب، وهى حركة تستخدم المصطلحات السياسية لتنفيذ أجندات ومصالح دينية مشبوهة، لدولة احتلال وليست دولة شرعية، مؤكدًا أن كثير من اليهود المثقفين غير مناصرين للصهيونية، لأن الصهيونى هو الشخص الذى يدعم فكرة المؤسسة الصهيونية القائمة على هدف تجميع اليهود فى فلسطين المحتلة لتدميرهم وممارسة التطرف ضدهم.
وأكد الدكتور أحمد هويدي، أن غزة هى صمام الأمان لمصر، وأن السلاح الثقافى الذى يستخدمه الصهاينة أخطر بكثير من السلاح العسكري، لأن الصهاينة متخصصين فى التفسير الخاطئ للنصوص الدينية، والتمسك بنبوءات ومزاعم وضعها بشر لديهم أطماع فى أرض فلسطين ويريدون تحقيق مصالح متنوعة، مؤكدًا أن بروتوكولات الكيان الصهيونى هى ترجمة للمبادئ التلمودية التى اعتقد اليهود بناءً عليها أنهم شعب الله المختار، وأنهم أبناء الله وأحباؤه، وأن الله لا يسمح بعبادته ولا يقبلها إلا أن يكون العابد يهوديّا؛ مطالبًا الأزهر الشريف بضرورة تكوين فريق لترجمة التلمودية للغة العربية وتحليل مبادئها، لأنها أساس الفهم الخاطئ، مشيرًا إلى أن هناك يهود منصفين يرفضون ما يحدث من تزييف الحقائق الدينية والتاريخية والجيو سياسية.
من جانبه قال الدكتور الحسينى حماد، مدرس التاريخ المعاصر بجامعة الأزهر، أن الهجمة الصهيونية البائسة على الأزهر الشريف بسبب مناصرته للقضية الفلسطينية، تعكس جهل الاحتلال الفاضح بدور الأزهر التاريخى تجاه تلك القضية، مؤكدًا أن دور الأزهر الحالى هو امتداد لدوره التاريخى تجاه القضية الفلسطينية، والذى يمتد منذ أكثر من قرن من الزمان، منذ تصريح بلفور والاحتلال البريطانى للقدس فى عام ١٩١٧م.
وأضاف الحسيني، أن الأزهر الشريف بكامل هيئاته، ما زال يدعم بكل قوة القضية الفلسطينية حتى ترجع الحقوق إلى أصحابها، وهو ما ظهر فى موقفه تجاه الجرائم الأخيرة التى أرتكبتها إسرائيل فى حق الشعب الفلسطينى و الأماكن المقدسة، وما يحدث فى غزة حاليا، حيث ندد الإمام الطيب، شيخ الأزهر الشريف، بتلك الجرائم التى يرتكبها الإحتلال الإسرائيلى فى حق الشعب الفلسطينى والأماكن المقدسة، وكثرت نداءاته التى دعا فيها قادة العالم وأصحاب الضمير العالمي، لمساندة الشعب الفلسطينى المسالم و المظلوم فى قضيته العادلة، وضرورة وقف الإستيطان وما تقوم به إسرائيل من جرائم فى حق الشعب الفلسطينى ومقدساته، وضرورة توفير الحاجات الأساسية للعائلات الفلسطينية المتضررة جراء العدوان الصهيونى الغاشم وإمدادهم بالمستلزمات الطبية والإغاثية اللازمة.
وطالب الحسيني، بتعميم التجربة الأزهرية فى التثقيف والتوعية بالقضية الفلسطينية فى المؤسسات الثقافية فى مصر والدول العربية، مشيدا بتدريس الأزهر لمادة «تاريخ الحركة الصهيونية» لطلاب جامعته، حيث أن هذه القضية قضية أمة وليست قضية الأزهر فقط.
ويشارك الأزهر الشريف -للعام الثامن على التوالي- بجناحٍ خاصٍّ فى معرض القاهرة الدولى للكتاب فى دورته الـ 55، فى الفترة من 24 يناير الجارى حتى 6 فبراير 2024؛ وذلك انطلاقًا من مسؤولية الأزهر التعليمية والدعوية فى نشر الفكر الإسلامى الوسطى المستنير الذى تبناه طيلة أكثر من ألف عام.
ويقع جناح الأزهر بالمعرض فى قاعة التراث رقم "4"، ويمتد على مساحة نحو ألف متر، تشمل عدة أركان، مثل قاعة الندوات، وركن للفتوى، وركن الخط العربي، فضلًا عن ركن للأطفال والمخطوطات.