أصبح الوضع الراهن فى السودان أكثر تعقيدًا، فى ظل اشتداد المعارك الدائرة بين الجيش السودانى وقوات الدعم السريع منذ منتصف أبريل 2023، وباتت الحرب السودانية عبئًا هائلًا على الاقتصاد السوداني الهش بالأساس، بحسب دراسة نشرها المركز المصرى للفكر والدراسات الإستراتيجية، وقد يطول أمد الحرب فى ظل فشل الأطراف الإقليمية والدولية فى وقف القتال وإنهاء الأزمة.
الدراسة تشير إلى مأساة يشهدها الاقتصاد السودانى، حيث قدر الخبراء الاقتصاديون التكاليف الاقتصادية المباشرة وغير المباشرة فى الاقتصاد السودانى بأكثر من 100 مليار دولار، إذ توقف 70% من النشاط الاقتصادى فى السودان. وتُقدر تكلفة المعارك فى السودان بنحو نصف مليار دولار يوميًا.
فضلا عن انخفاض معدل النمو الاقتصادى إلى -18.3% وفقًا لتوقعات البنك الدولى لعام 2023. كما بلغت خسارة الناتج المحلى الإجمالى السودانى بنسبة 151.1٪، ومن المتوقع أن ينخفض الناتج المحلى الإجمالى إلى 43.91 مليار دولار فى عام 2023. ووفقًا لـ”فيتش سوليوشنز”.
وتسبب النزاع فى انهيار الجنيه السوداني أمام الدولار وخسر الجنيه السودانى أكثر من 50% من قيمته منذ أبريل الماضى، حيث يتم تداول الدولار بأكثر من 1000 جنيه سودانى بعد الحرب، بالمُقارنة بـ600 جنيه قبل الحرب.
كما رفعت الحرب معدل البطالة فى السودان من 32.14% فى عام 2022 إلى 47.2% عام 2024، وفقًا لإحصاءات صندوق النقد الدولى. وبحسب دراسة لمعهد سياسات الأغذية الأمريكى، توقعت خسارة 5 ملايين وظيفة فى السودان بسبب الحرب.
معدلات التضخم أيضا بحسب بيانات صندوق النقد الدولى ارتفع التضخم فى السودان إلى 256.17%، وهو ما يعنى ارتفاعها بنسبة 117.4%، وإلى الآن لم تتمكن الحكومة من الإعلان عن مستوى التضخم، مع توقعات بأن يسجل ارتفاعًا كبيرًا فى ظل الزيادة الكبيرة فى الأسعار.
وتراجعت حركة الصادرات بنحو 60% بفعل إغلاق المطار الرئيسى بالبلاد، وتوقف العمل بمعظم الموانئ الجافة، بالإضافة إلى اضطرابات سلاسل التوريد الناتجة عن الحرب مما أدى إلى تراجع عائدات الصادرات من العملات الصعبة، وتراجع إنتاج السودان من الذهب من 18 طنًا إلى طنين فقط خلال أشهر الحرب، وأفقد الخزينة السودانية عائدات صادرات الذهب التى تعادل 50 % من الصادرات بقيمة مليارى دولار.
وأدى النزاع فى السودان لشلل القطاع الزراعى، حيث انخفضت المساحة المزروعة فى البلاد بنسبة 60% عن السنوات السابقة تقليص المساحات وعجز المزارعين عن ممارسة النشاط.
انهيار القطاع المصرفى فى السودان، حيث تعرض 100 فرع من أفرع البنوك السودانية إلى النهب والسرقة والتدمير نتيجة الحرب فى السودان، وبلغت نسبة الأموال المنهوبة أكثر من 38% فى مصارف الخرطوم وحدها. ولم يسلم البنك المركزى السودانى من هذه العمليات التخريبية، وهو ما جعله يُعانى من نقص شديد فى السيولة، فكثير من البنوك بدأت تُعانى من مشكلة إدارة ديونها، بعدما تعرضت الشركات الكبرى التى اقترضت منها مبالغ كبيرة للتدمير والنهب، وهو ما جعل البنوك السودانية تواجه مشكلة فى تحصيل هذه الديون، الأمر الذى يتسبب فى وقوف القطاع المصرفى السودانى على حافة الانهيار.
وتختتم الدراسة بأن الوضع يشير إلى أنه قد يطول أمد الحرب فى ظل فشل الأطراف الإقليمية والدولية فى وقف القتال وإنهاء الأزمة السودانية، نتيجة عدم تقديم أى تنازلات على طاولة المفاوضات، وازدياد عدد النازحين الذى وصل إلى 10 ملايين و700 ألف شخص منذ اندلاع الحرب كأكبر حالة نزوح فى العالم. وبشكل عام، تمثل الحرب السودانية عبئًا هائلًا على الاقتصاد السودانى، حيث تسببت فى تدهور البنية التحتية الاقتصادية وارتفاع معدلات البطالة وتفاقم الأمن الغذائى، ويتطلب استعادة النمو الاقتصادى واستقرار السودان جهودًا كبيرة لإعادة إعمار البنية التحتية، وتعزيز الاستثمارات، ودعم القطاعات الزراعية والصناعية.