فى خضم الأزمات العالمية و الحرب على غزة، تطل الحرب بوجهها القبيح على السودانيين، حيث تسبب النزاع فى السودان الذى اندلع بين الجيش السودانى وقوات الدعم السريع فى منتصف أبريل 2023 فى مأساة إنسانية وكارثة على كافة المستويات البيئية والصحية والاقتصادية، الأمر الذى دفع منظمات أممية بدق ناقوس الخطر واطلاق تحذيرات قبل أن يفوت الأوان.
التحذيرات جاءت من الداخل السودانى أيضا، حيث حذّر مسؤول سوداني رفيع، من تقلّص كبير في المساحات المزروعة بولايات دارفور وكردفان والجزيرة جراء الحرب، ما يهدد بتفاقم أزمة جوع تهدد السودان، وفقا لصحيفة تريبون سودان.
وأوضح وزير الزراعة والغابات السودانى أبو بكر عمر البشرى، لسودان تربيون، أن “المساحة التي مخطط زراعتها في دارفور وجنوب وغرب كردفان في الموسم الصيفي كانت 12 مليون فدان، إلا أن نسبة كبيرة لم تُزرع بسبب الحرب وعدم توفر العمالة”.
وأشار إلى أن الخطة التأشيرية لمشروع الجزيرة كانت تتضمن زراعة 350 ألف فدان قمح قبل أن تتقلص إلى 220 ألف فدان بعد سيطرة قوات الدعم السريع على ولاية الجزيرة في خواتيم العام المنصرم.
ووفقا لتقرير الصحيفة السودانية، ظلت المعارك تدور بين الجيش وقوات الدعم السريع في مناطق دارفور وكردفان، لكنها توقفت في ولايات جنوب وغرب وشمال وشرق دارفور بعد سيطرة الدعم السريع عليها؛ حيث أثر انعدام الأمن على عمليات الزراعة والحصاد.
وتنعكس مساحة المزروعات على معدل الجوع، فبطون الملايين أصبحت خاوية يفترسها الأمراض والأوبئة، فقد حذر برنامج الغذاء العالمى التابع للأمم المتحدة من أن ما لا يقل عن 25 مليون شخص يعانون من ارتفاع معدلات الجوع وسوء التغذية فى الوقت الذى ترسل فيه الأزمة فى السودان موجات صادمة إلى جميع أنحاء المنطقة، وذلك مع نزوح آلاف الأسر وإجبارها على عبور الحدود إلى تشاد وجنوب السودان كل أسبوع.
وذكر البرنامج، أن تأثير هذا الصراع خلق أكبر أزمة نزوح في العالم، لافتا إلى أنه بعد مرور ما يقرب من عام على الحرب إلا أنه لا توجد علامات على أن عدد الأسر الهاربة عبر الحدود سوف يتباطأ.
وقال مايكل دانفورد المدير الإقليمي لبرنامج الغذاء العالمي لشرق أفريقيا إن الأطفال والنساء الذين يعبرون إلى جنوب السودان أو تشاد يعانون من الجوع ويصلون بلا موارد.
وأشار إلى أن هناك ما يقرب من 18 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد داخل البلاد في الوقت الذي يعاني حوالي 3.8 مليون طفل سوداني دون سن الخامسة من سوء التغذية ومعظمهم محاصرون في مناطق القتال الدائر، حيث يكافح البرنامج ووكالات الإغاثة الأخرى من أجل الحفاظ على إمكانية الوصول المستمر، منوها إلى أن الذين يستطيعون الفرار يفرون إلى أماكن مثل جنوب السودان أو تشاد مما يزيد من الأوضاع الإنسانية الصعبة بالفعل في كلا البلدين.
وقال التقرير إن الاتجاهات التي لاحظها برنامج الأغذية العالمى تشير إلى أن ما يقرب من 4 % من الأطفال دون سن الخامسة الذين يعبرون الحدود إلى جنوب السودان يعانون من سوء التغذية عند وصولهم، ولكن هذا الرقم يرتفع إلى 25 % بين الأطفال في مركز العبور في الرنك بالقرب من الحدود بين السودان وجنوب السودان، مما يشير إلى أنه كلما أمضى الناس وقتا أطول في المخيمات المؤقتة زاد احتمال إصابتهم بسوء التغذية.
كما حذرت مسؤولة الاتصال في برنامج الأغذية العالمي والمتحدثة باسم البرنامج في السودان، ليني كينزلي، من عواقب ارتفاع وانتشار مستوى المجاعة في السودان خاصة مع اقتراب موسم هطول الأمطار في شهر مايو من العام الجاري.
وقالت كينزلي ـ في مقابلة خاصة مع قناة (الحرة) الإخبارية من العاصمة الكينية نيروبي ـ إن "40% من سكان السودان يواجهون حاليا خطر المجاعة الحقيقية في ظل شح المواد الغذائية وصعوبة إيصالها للمحتاجين إليها بسبب العراقيل الناجمة عن استمرار النزاع خاصة في الخرطوم وكردفان ودارفور".
وتفاقم المعارك الدائرة منذ أبريل 2023، الوضع الانسانى فى المدن السودانية، وأعلنت الحكومة السودانية ان عدد النازحين فى 9 ولايات بلغ اكثر من ١١مليون نازحا يتواجدون في ٦٧ محلية بحسب وكالة الأنباء السودانية سونا.
وتسببت الحرب بإحدى أكبر أزمات النزوح في العالم إذ فر حوالى 8ملايين شخص من منازلهم، نصفهم أطفال.
كما خلف الصراع نحو 6,036,176 نازحًا وفق الهجرة الدولية بسبب الاشتباكات المسلحة فى مدن متعددة فى جميع أنحاء السودان، وحذر تقرير للأمم المتحدة، من تفاقم الاحتياجات الإنسانية فى السودان.
ووفق التقرير الدولى تواجه السودان أزمات متفاقمة ومركبة تسببت فى خسائر فى الأرواح، حيث تشهد نسب كبيرة من النزوح الجماعى، والجوع، والكوليرا، وكلها آخذة فى الارتفاع وتحدث بمعدل ينذر بالخطر لافتا الى "إن ما بين 70 و80% من المستشفيات فى المناطق المتضررة من النزاع لم تعد تعمل. وهذه الأزمة تتطلب المزيد من الاهتمام والتمويل".