يحتل ملف الصحة والعلاج مكانة متقدمة فى مطالب المواطنين من الحكومة، خاصة أنها تعد أحد أهم الحقوق الاجتماعية والاقتصادية، التى لا يمكن الاستغناء عنها أو استبدالها، وعلى مدى عقود ظل ملف الصحة متشابكا يعتمد مرات على قرارات العلاج على نفقة الدولة، بالنسبة للأغلبية من المواطنين، وعندما صدر الدستور يتضمن توسعا فى العلاج والتأمين الصحى، بدأ التطبيق بتدرج من أجل رفع كفاءة المستشفيات والمؤسسات الحكومية، بدأت فى محافظات القناة وبعض محافظات الصعيد، تمهيدا للتعميم، وبالطبع فإن الأمر يتطلب جهدا فى رفع كفاءة المستشفيات العامة والمركزية، التى ظلت على مدى عقود بلا تطوير.
لكن الواقع أن المبادرات الرئاسية نجحت خلال السنوات العشر الماضية فى مواجهة وعلاج عدد من الأمراض المزمنة والخطرة، التى كانت تمثل أزمة بالنسبة لغير القادرين، الملف الصحى يمثل أولوية فالمريض يمكنه استبدال الطعام والملابس، لكنه لا يستغنى عن الدواء.
سياسة الدولة فى الملف الصحى شهدت على مدار السنوات الماضية خطوات للأمام خاصة فيما يتعلق بالأمراض الخطيرة، كالفيروس الكبدى سى، أو الفشل الكلوى والسرطان، فضلا عن أمراض خطيرة، كان المصابون بها يعجزون عن تلقى العلاج، المبادرات التى أطلقها الرئيس عبدالفتاح السيسى وفرت الجهد والوقت، وساهمت فى تحقيق النتائج بشكل تجاوز الكثير من العراقيل الإدارية أو البيروقراطية، كانت مبادرة إنهاء فيروس الكبد الوبائى سى، إحدى أهم هذه المبادرات، خاصة أن فيروس سى بدا مستعصيا على المواجهة، وكان يمثل تهديدا لملايين المصريين على مدى عقود، وأكل أكباد مئات الآلاف، ونجحت مبادرة القضاء على فيروس «سى» فى علاج ملايين المصريين، بعد عقود ظلوا فيها تحت رحمة فيروس قاتل، عاجزين عن تلقى العلاج، المبادرة نجحت فى علاج المرضى بالمجان، بينما كان الدواء يباع بعشرات الآلاف فى دول أخرى، واعتبرت منظمة الصحة العالمية مبادرة القضاء على فيروس الكبد «سى» نموذجا يحتذى به ويمكن نقله لدول أخرى.
أسفر نجاح القضاء على فيروس سى عن مبادرات «100 مليون صحة» أحد أهم محاور الحماية الصحية والاجتماعية، ونجحت «100 مليون صحة» فى اكتشاف وعلاج ملايين المرضى، بل ووقاية ملايين أخرى من خلال اكتشاف وتشخيص بدايات الأمراض المزمنة، مثل الضغط والسكر، وتولدت عنها مبادرات إنهاء قوائم انتظار عمليات القلب وعلاج مرض الضمور العضلى وعلاج التقزم وضعف السمع فى الأطفال، وفحص السيدات المبكر للوقاية من سرطان الثدى، وهى مبادرة نجحت بشهادة الجميع، فى الوصول إلى فئات لم تكن على خارطة الاهتمام.
وبجانب ذلك تم البدء فى تطبيق منظومة التأمين الصحى الشامل، فى المرحلة الأولى، والاستعداد لتطبيق المرحلة الثانية والتى تتضمن تطويرا شاملا للمستشفيات، ليس فقط على مستوى التجهيزات والمبانى، ولكن فى توفير الكوادر الطبية المدربة، بشكل يتيح تقديم الخدمة والدواء، ونفس الأمر يجرى فيما يتعلق بتوفير الدواء، من خلال هيئة الشراء الموحد التى تمثل خطوة للأمام من أجل التعامل مع ملف الدواء.
الشاهد فى هذا أن نجاح المبادرات الرئاسية فى مواجهة فيروس سى، أو إنهاء قوائم الانتظار فى عمليات القلب، تمثل قاعدة يمكن الاستناد عليها لتطوير العمل فى الملف الصحى، ويفترض أن تقوم وزارتا الصحة والتعليم العالى، بدراسة هذه المبادرات التى يمكن أن تفيد فى التعامل مع أسئلة الصحة، كأحد أهم الحقوق الاقتصادية والاجتماعية.
وبالتالى فإن الاستفادة من المبادرات الرئاسية، يمكن أن تفيد فى التعامل مع التحديات العاجلة، وأيضا فى تطوير وتعجيل ملف التأمين الصحى الشامل الذى يفرض نفسه بقوة، ويستحق الجهد والتركيز.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة