تتزايد المخاوف الأوروبية من عودة حرب كبرى إلى أوروبا، بعد تهديد روسيا بتوسيع حربها ضد أوكرانيا، وبعد مرور أكثر من عامين، يحدث تغيير آخر لم يكن من الممكن تصوره فيما يتعلق بالخدمة العسكرية الإلزامية.
وأعادت العديد من الدول الأوروبية تقديم التجنيد الإجبارى أو توسيعه فى مواجهة التهديد المتزايد من موسكو، كجزء من سلسلة من السياسات التى تهدف إلى تعزيز الدفاعات التى من المرجح أن يتم توسيعها بشكل أكبر.
وكانت علقت العديد من الدول الأوروبية التجنيد الإجبارى بعد نهاية الحرب الباردة، لكن العديد من الدول ــ وخاصة الدول الاسكندنافية ودول البلطيق ــ أعادت تقديمه فى السنوات الأخيرة، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى التهديد الروسى، قد يؤدى عدم التجنيد إلى فرض غرامات أو حتى أحكام بالسجن فى بعض البلدان.
وأشارت صحيفة الكونفدنثيال الإسبانية فى تقرير لها حول عودة التجنيد الإجبارى مرة أخرى، إلى أن أوكرانيا تم دعمها حتى الآن بالسلاح والمال، ويحاول الاتحاد الأوروبي تسريع الدفاع المشترك، لكن الفكرة المثيرة للجدل المتمثلة فى إرسال جنود إلى الخطوط الأمامية فى أوكرانيا تثير السؤال، هل يمكن أن تفرض الدول الأوروبية الخدمة العسكرية الإجبارية؟ وهل ستكون أوروبا مستعدة لأى حرب؟
ما هى الدول الأوروبية التى تطبق فيها الخدمة العسكرية الإجبارية؟
لدى إستونيا ولاتفيا وليتوانيا الخدمة العسكرية الإجبارية (للرجال): الأولى لم تلغها قط، فى حين أعادت جمهوريتا البلطيق الأخريان تقديمها، لأنها تمثل أحد الأهداف الأكثر إلحاحا للتقدم الروسى المحتمل فى أوروبا.
وفنلندا لديها خدمة عسكرية لمدة 6-12 شهرًا للرجال، وتفرض النرويج الخدمة العسكرية للرجال والنساء فى سن 19 عامًا، وتختار حوالى 8000 إلى 10000 كل عام للخدمة.
أما الدنمارك فإنها قررت تجنيد النساء للخدمة العسكرية لأول مرة بموجب إصلاح شامل مقترح للقوات المسلحة يأتى وسط تدهور علاقات أوروبا مع روسيا والحرب فى أوكرانيا، وقالت رئيسة الوزراء ميتى فريدريكسن: نحن لا نعيد تسليح أنفسنا لأننا نريد الحرب. نحن نعيد التسلح لأننا نريد تجنب ذلك.
وقالت أن الحكومة تريد المساواة الكاملة بين الجنسين وتمديد مدة الخدمة العسكرية من أربعة إلى 11 شهرا، وبموجب خطط التسوية الدفاعية للفترة 2024-2033، سيتم استدعاء 5000 مجند، من الذكور والإناث، كل عام اعتبارا من عام 2026.
و أدى نحو 4700 شخص الخدمة العسكرية العام الماضى، وكانت النساء يؤدين الخدمة فقط على أساس تطوعى، وعادة لمدة أربعة أشهر.
أما إسبانيا، فحتى الآن لم يتم طرح إعادة التجنيد الإجبارى، حيث اتسم عام 2001 بالنسبة لأسبانيا باختفاء علامة فارقة واساسية فى الحياة الاجتماعية والعسكرية هى التجنيد او الخدمة العسكرية الاجبارية التى ظلت سارية فى البلاد منذ عام 1812.
هل تستطيع طائرات إف-16 تغيير الوضع لصالح أوكرانيا؟
قالت صحيفة لا راثون فى تقرير لها، إنه بسبب الضربات الجوية الاستراتيجية المكثفة التى تشنها روسيا ضد أوكرانيا كل 14 يومًا تقريبًا، أصبح الضغط مرتفعًا للغاية، ولهذا السبب، قرر الناتو توفير أنظمة إضافية متوسطة وطويلة المدى، مثل بطاريات Iris-T وPatriot. وهذا لا يكفى لحماية أراضى أوكرانيا بشكل كامل، حيث أنه لا يزال هناك عدد قليل جدًا من الأسلحة المضادة للطائرات، ونتيجة لذلك، يظل الروس قادرين على مهاجمة البنية التحتية الحيوية.
وفى بيان مشترك فى واشنطن فى 10 يوليو، قال رؤساء دول الدنمارك وهولندا والولايات المتحدة أن "عملية نقل" القاذفات المقاتلة من طراز F-16 إلى أوكرانيا "مستمرة".
وأضاف وزير الخارجية الأمريكى أنتونى بلينكن من قمة الناتو فى العاصمة الأمريكية: ستحلق هذه الطائرات فوق سماء أوكرانيا هذا الصيف لضمان قدرة كييف على الاستمرار فى الدفاع عن نفسها بشكل فعال ضد العدوان الروسى.
توريد الطائرات
وقادت الولايات المتحدة وهولندا والدنمارك مجموعة من الدول التى ساعدت فى إمداد أوكرانيا بطائرات مقاتلة منذ العام الماضى، وانضمت دول أخرى منذ ذلك الحين، بما فى ذلك النرويج وبلجيكا. ويبلغ العدد الذى وعدت به أوكرانيا حتى الآن حوالى 65 شخصًا، لكن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكى يقول أن هناك حاجة إلى 128 شخصًا.
وأوضح المسؤولون النرويجيون أن مساهمة أوسلو ستغطى ست طائرات من طراز F-16، على أن يبدأ التسليم خلال عام 2024، بينما قالت بلجيكا فى وقت سابق من هذا العام أن بلادها كانت ستسلم ما مجموعه 30 طائرة، أيضًا على دفعات مختلفة موزعة على مدار الوقت. من ناحية أخرى، أتاحت هولندا 24 طائرة من طراز F-16، مع فترات تسليم طويلة إلى حد ما.
فى المجمل، حتى نهاية عام 2024، تشير التقديرات إلى أن أوكرانيا يمكن أن تحصل على 20 طائرة من طراز F-16، ولكن إحدى المشاكل هى أن برنامج تدريب الطيارين الأوكرانيين يستغرق وقتًا.
رفض إرسال جنود للقتال
يواصل الأوروبيون إظهار تضامنهم مع أوكرانيا فى مواجهة الحرب الروسية ويدعمون بشكل عام زيادة شحنات الأسلحة إلى كييف، فى الوقت الذى يرفضون فيه إرسال الجنود للقتال، إلا أنهم منقسمون بشأن النتيجة المحتملة للحرب، وذلك وفقا لاستطلاع للرأى أجراه مركز أبحاث المجلس الأوروبى للعلاقات الخارجية.
وأشار مركز أبحاث المجلس الأوروبى للعلاقات الخارجية، إلى أنه "فى جميع أنحاء أوروبا، هناك دعم شعبى قوى لزيادة تسليم الأسلحة والذخائر إلى أوكرانيا من قبل حلفائها، حسبما قالت صحيفة لاراثون الإسبانية.
وتم إجراء الاستطلاع فى 15 دولة بما فى ذلك إسبانيا وفرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة وأوكرانيا، ويعتقد معظمهم أن الحرب ستنتهى من خلال اتفاق تفاوضى بين الدولتين، والاستثناء هو أوكرانيا وإستونيا، حيث تعتقد الأغلبية أن كييف ستفوز فى ساحة المعركة، وفقًا لهذا الاستطلاع الذى شمل 19.566 شخصًا وتم إجراؤه فى مايو الماضى.
ويعارض الأوروبيون فى الدول الأخرى باستثناء أوكرانيا، إرسال جنود من بلدانهم للقتال فى الحرب، ومع ذلك، فإن الأوروبيين أكثر انقساماً بشأن الموقف الذى ينبغى للقارة أن تتخذه، وفى مجموعة من البلدان، تعتقد الأغلبية أن الأوروبيين لابد وأن يساعدوا أوكرانيا فى إعادة أراضيها وهى (إستونيا، والسويد، والمملكة المتحدة، وبولندا، والبرتغال)، وفى حالة أخرى، تعتقد الأغلبية أن أوروبا يجب أن تحث أوكرانيا على التفاوض، وهى (بلغاريا، اليونان، إيطاليا، جمهورية التشيك، وسويسرا).
وقال مارك ليونارد، أحد مؤلفى التقرير: "إن أحد التحديات الرئيسية التى ستواجه الزعماء الغربيين سوف يتلخص فى التوفيق بين المواقف المتناقضة للأوروبيين والأوكرانيين بشأن نتيجة الحرب.