يتبقى نحو شهرين على موعد إجراء انتخابات الرئاسة الأمريكية 2024، تزداد المنافسة بين المرشحين الجمهورى دونالد ترامب والديمقراطية كامالا هاريس على كسب الناخبين، خاصة الذين لم يحسموا موقفهم بعد أو هؤلاء فى الولايات الحاسمة والمتأرجحة.
وفى الوقت الراهن، تهيمن العديد من القضايا على السباق الرئاسي، أبرزها بالتأكيد الاقتصاد الذى يؤثر بشكل مباشر على المواطن الأمريكي، خاصة فى ظل ما شهدته السنوات الماضية من ارتفاع كبير فى معدلات التضخم واستمرار ارتفاع أسعار السلع. لكن بعيدا عن الاقتصاد، تتصدر ثلاث قضايا أخرى المشهد الانتخابى، وانعكس هذا فى شد وجذب بين كلا المرشحين حول هذه القضايا واتهامات متبادلة بينهما أشعلت بدرجة أكبر السباق نحو البيت الأبيض.
الإجهاض
القضية الأولى تتعلق بالإجهاض، والتى تصدرت العناوين الرئيسية فى وسائل الإعلام فى الأيام الأخيرة بعد أن أثار ترامب الجدل بشأن تغير موقفه من هذا الإجراء الطبى. وقالت صحيفة نيويورك تايمز إن ترامب يناقض نفسه فى موقفه من قضية الإجهاض بحثا عن مكاسب سياسية، مشيرا إلى أنه مستعد لإجراء كل ما يراه ضروريا من تحولات خطابية وسياسية من أجل الفوز فى انتخابات نوفمبر، الأمر الذى أثار حفيظة بعض المحافظين اجتماعيا.
وجاء تصريح ترامب، خلال مقابلة أجراها مع قناة فوكس نيوز، مؤكدا أنه سيصوت بـ "لا" على مقترح قانون فى ولاية فلوريدا لإلغاء حظر الإجهاض بعد 6 أسابيع، وذلك بعد يوم من إشارته الضمنية إلى أنه سيصوت لصالح المقترح، وفقا لأسوشيتد برس.
وأعرب ترامب عن اعتقاده بأن حظر الإجهاض فى فلوريدا يعد خطأ، موضحا موقفه، بقوله:"أرى أن فترة الستة أسابيع قصيرة، وينبغى منح وقت أطول". غير أنه استدرك قائلا: "لكن فى المقابل، نجد أن الديمقراطيين يتبنون مواقف متطرفة".
وتغير موقف ترامب من قضية الإجهاض على مدار عقود، وذكرت نيويورك تايمز إنه فى مقابلة تلفزيونية مع NBC News عام 1999، قال ترامب وهو فى عمر الـ 53 إنه مؤيد جدا لحق الاختيار. وفى عام 2011، وبدون تفسير لهذا التغيير، قال أمام حشد فى مؤتمر للمحافظين أنه مؤيد لحق الحياة، بما يعنى انه معارض للإجهاض.
وعندما ترشح للرئاسة للمرة الأولى فى عام 2016، قال فى قناة MSNBC إنه أصبح معارضا لحقوق الإجهاض حتى أنه يدعم فرض عقوبات على النساء اللاتى يقمن بهذا الإجراء، ولم يدرك أن موقفه كان متشددا للغاية حتى بالنسبة للمحافظين اجتماعيا الذين كان يسعى لكسب دعمهم، وراجع نفسه سريعا.
وتقول نيويورك تايمز أن نسخة ترامب فى 2024 تغير موقفها مرة أخرى، لكن المخاطر أعلى هذه المرة.
فى المقابل، تصدرت هاريس، فى ظل إدارة بايدن، الجهود المتعلقة بقضية الحقوق الإنجابية. ففى أبريل من العام الماضي، زارت فلوريدا بعد ساعات قليلة من تطبيق قانون الحظر المثير للجدل، محذرة من أن فترة رئاسية جديدة لترامب ستعنى "مزيدا من القيود، ومزيدا من المعاناة، وتراجعا فى الحريات".
التلقيح الصناعى
تعد قضية التلقيح الصناعى أو الاصطناعى I.V.F من القضايا الجديدة فى سباق الرئاسة الأمريكي، والتى يتبنى الجمهوريين والديمقراطيين مواقف مغايرة فيها. وأصبح التلقيح الاصطناعى محور جدل سياسى متصاعد بين الحزبين الديمقراطى والجمهوري، بعد أن قضت المحكمة العليا بولاية ألاباما، فى وقت سابق من هذا العام، بأن الأجنة التى تم إنشاؤها عن طريق التلقيح الاصطناعى تعتبر بشرا، فى خطوة دفعت أكبر عيادات الخصوبة فى الولاية إلى إيقاف رعاية التلقيح الاصطناعي.
لكن الأسبوع الماضى، فاجأ ترامب كثيرون باقتراح يتعهد بضمن تغطية تكاليف هذا الأجراء الطبى سواء عن طريق الحكومة او شركات التأمين فى حال فوزه بالانتخابات الرئاسية. واعتبر تقرير لأسوشيتد برس أن تعهد ترامب الأخير، يتعارض مع مواقف الكثير من أعضاء حزبه الجمهوري.
وأشارت الوكالة إلى أن إعلان ترامب المفاجئ يعكس إدراكه أن مواقف الحزب الجمهورى من الإجهاض والحقوق الإنجابية قد تشكل عائقا كبيرا أمام فرص عودته إلى البيت الأبيض.
وكان أعضاء فى الحزب الديمقراطى قد انتقدوا الجمهوريين بشأن التلقيح الاصطناعي، فى الأشهر الأخيرة، معتبرين أن القيود التى يقودها الحزب المنافس على الإجهاض "قد تؤدى إلى فرض قيود على التلقيح الاصطناعى أيضا".
الهجرة
مع تصاعد أعداد المهاجرين إلى الولايات المتحدة فى السنوات الأخيرة، وتأثير ذلك على الداخل الأمريكي، تحولت الهجرة إلى قضية ملحة فى كل انتخابات. وتشتعل هذه القضية فى الموسم الانتخابى بشكل خاص فى ضوء وصول أعداد المهاجرين عبر الحدود الجنوبية إلى أرقام قياسية فى عهد بايدن، بعد تراجع كبير فى عهد ترامب، فأصبحت محور رئيسى للجمهوريين فى انتقادهم لنائبة الرئيس.
وفى محاولة لتشتيت هجوم الجمهوريين عليها، تحدثت هاريس عن خبرتها كمدعى عام ولاية كاليفورنيا فى التصدى للهجرة، وقالت إنها سارت فى أنفاق تهريب المخدرات ولاحقت بنجاح العصابات التى كانت تنقل الناس والبضائع عبر الحدود.
وكان بايدن قد أوكل لهاريس فى بداية توليه الحكم مهمة مواجهة الأسباب التى تؤدى إلى الهجرة. والآن، فإن ترامب وكبار الجمهوريين يلقون عليها باللوم فى ارتفاع أعداد المهاجرين عبر الحدود الجنوبية بسبب السياسات المتساهلة للغاية.
وتحاول هاريس الرد على ذلك بالقول إن التسوية التى من المفترض أن يتم التوصل إليها من قبل الحزبين فى مجلس الشيوخ كانت ستشمل معايير أكثر صرامة وتعيين مزيد من عملاء الحدود وقضاة الهجرة ضباط اللجوء، قبل أن يعارضها ترامب. والآن، تقول هاريس إن ترامب يتحدث فقط فى قضية الهجرة ولا ينفذ ما يقوله.
من جانبه، يعد ترامب بأكبر ترحيل للمهاجرين فى الشرعيين فى تاريخ الولايات المتحدة، فى عملية يمكن أن تشمل معسكرات احتجاز ومشاركة الحرس الوطنى. وسيعيد ترامب السياسات التى طبقها فى فترته الأولى مثل برنامج "البقاء فى المكسيك"، والعنون 42 الذى وضع قيودا على المهاجرين على أساس يتعلق بالصحة العامة. كما يقول إنه سيحيى ويوسع حظر السفر الذى استهدف بالأساس مواطنى 7 دول مسلمة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة