"في عصرٍ جديد يكتنفه الغموض والتحدي، يقرر البشر العودة إلى جذورهم القديمة، والتخلي عن التكنولوجيا الحديثة التي شكلت حياتهم لقرون، في هذا العالم، تحل الأدوات البدائية محل الأجهزة الذكية، وتنطفئ شاشات الهواتف، وتخلو المنازل من التكنولوجيا التي اعتدنا عليها، ويُصبح التواصل عبر الرموز، والمعلومات تُنقل عبر المخطوطات اليدوية، والزراعة تعتمد على قوة الإنسان والحيوان".. المشهد الذي دار بذهني عقب تداول أحداث لبنان، ليكون مقدمة للعودة لعصر الحجر والعصا وفقًا لمعتقداتنا.
في هذا العصر، يستعيد البشر العلاقة الحميمة مع الأرض والطبيعة، ويتعلمون مرة أخرى فنون البقاء البدائية التي ظنوا أنهم تخلوا عنها منذ زمن طويل.
بداية النهاية والعودة إلى البدائيات
لم يكن المثير مطلقًا بالنسبة إلي في أحداث لبنان التي تضمنت وقوع انفجارات لأجهزة اتصالات في آن واحد راح ضحيتها عشرات الشهداء ومئات المصابين، هو المسؤولية عن الحادث وكيفية وصول المواد المتفجرة لتلك الأجهزة، والأدوار الاستخباراتية والاستراتيجية لكيانات عسكرية في هذه الأحداث المفجعة، بل كان الأكثر الأهمية ليشغل بالي، هي القدرة والكيفية التي تمكن من خلالها الفاعل في تدبير هذا الحادث تكنولوجيًا ليقع في توقيت محدد، والتي قد تنذر بوقوع ما هو أسوأ ليعيدنا إلى العالم البدائي بضغطة زر واحدة أو كود برمجي يتم تمريره.
وفقًا للتقارير التي نشرت حول أحداث لبنان، فإن أجهزة الاتصالات البدائية المسماه بـ"البيجر" و"الهوكي توكي"، حملت مواد متفجرة، وتم تنفيذ أمر التفجير إما عن طريق تداخل إشارات وموجات صوتية أو من خلال الهوائيات.
وهو الأمر الذي أراه مفزعًا ويجب الانتباه له، ليس قلقًا من فاعل هذا الحدث الذي يدرك أغلبيتنا نهاية قصته، بل تخوفًا من وحش أخر يعمل العالم أجمع على تنميته وتطويره وتزويده بكافة الأدوات التي يمكن أن تجعله في يومًا ما مسيطرًا على الأحداث بل وفاعلًا أيضًا وهو "الذكاء الاصطناعي".
الذكاء الاصطناعي وحش يربيه العالم ليأكله
بات الذكاء الاصطناعي الآن، محل استخدام وتطور مستمر في كافة نواحي وأنماط الأنشطة والأعمال، ليتحول من مجرد وسيلة مساعدة إلى أدوات تحكم وسيطرة، بدءً من جمع البيانات والمعلومات، مرورًا بإدارة وقيادة المركبات، وصولًا للتحكم في العمليات وتنفيذها.
ولا شك أن كل يوم يزداد الذكاء الاصطناعي تطورًا مع كل استخدام يحصل هو فيه على مزيد من المعلومات والبيانات من الواقع الذي نعيشه ويقوم بتحليلها وإدارتها وفق خوارزميات موضوعة بواسطة بشر.
كيف يرى الذكاء الاصطناعي مستقبله
لكن هل من الممكن أن يتخطى الذكاء الاصطناعي دوره ليصبح مسيطرًا ومديرًا لأحداث مأساوية، وفقًا لتحليل خاطئ أو معلومات مضللة، لنضحى باكيين يومًا على كارثة كبرى بفعله، وندرك وقتها أن التخلص من التكنولوجيا هو الحل الأمثل.
ورغم يقيني بأن الإجابة هي نعم، إيمانًا بأن صناع الذكاء الاصطناعي وواضعي الخوارزميات ومعادلات تشغيله وتحليله هم من البشر الذين يسعون في الأرض فسادًا، ولم يعم بينهم السلام مطلقًا، وانتشرت المؤامرات والحروب والنزاعات فيما بينهم، فما بالكم بأنه من المنتظر والمتوقع أن يكون المسيطر على الأمور بدءً من أدوات الكتابة والإنتاج وصولًا للتحكم في الأسلحة وكافة أنواع الأجهزة التكنولوجية والتقنيات الحديثة ولوحات التحكم لكافة أنواع البرمجيات، هي مجرد أدمغة اصطناعية تعتمد في أفعالها على معلومات وبيانات تجمعها من خلال العالم الافتراضي.
تلك الفرضية التي استعرضها لم أعتمد في إثباتها على أحد أفلام هوليوود للخيال العلمي التي ناقشت تلك التوقعات، وإنما ذهبت لسؤال أحد أدوات الذكاء الاصطناعي التي تعتمد على جمع البيانات وتحليلها وتساعد في الإجابة على الأسئلة والتي كانت على النحو التالي:
أدوار الذكاء الاصطناعي
توقعات تطور الذكاء الاصطناعي
الأسباب التي تؤدي للحد من الذكاء الاصطناعي
تقييد وتنظيم الذكاء الاصطناعي الحل الأنسب
الأسباب التي تدفع نحو الحد من استخدام الذكاء الاصطناعي في الأمن والدفاع
هل يستطيع البشر الوصول للحل الأمثل في استخدام الذكاء الاصطناعي
الذكاء الاصطناعي يتوقع أن يضع البشر محل تجارب وأحداث مريرة
الذكاء الاصطناعي يتوقع وقوع كوارث بفعله
العودة إلى التقاليد الإنسانية وإحياء القيم الحل الأمثل
الأحداث المأساوية التي شهدها لبنان تلقي الضوء على ضرورة إعادة التفكير في علاقتنا مع التكنولوجيا، خصوصًا مع التصاعد السريع في استخدام الذكاء الاصطناعي. ومع أن هذا التقدم قد يُسهم في تحسين حياتنا وتسهيل المهام اليومية، إلا أنه يحمل في طياته أيضًا مخاطر كبيرة تتطلب منا الوعي والتفكير النقدي.
نحن بحاجة إلى ضمان أن التكنولوجيا، بدلاً من أن تصبح سلاحًا في يد من يسعى للضرر، تُستخدم كأداة لتعزيز السلام والأمان.
في ظل هذه المخاوف، يبدو أن العودة إلى الأساليب التقليدية، رغم أنها ليست حلاً شاملاً، قد تمنحنا فرصة لإعادة تقييم الأولويات وإحياء القيم الإنسانية التي تهددها التكنولوجيا المتطورة.
المسؤولية تقع على عاتقنا، كمجتمعات، في تعزيز الوعي حول المخاطر المحتملة والتحديات التي تفرضها التقنيات الحديثة، وضمان أن نبقى نحن أصحاب القرار في حياتنا، وليس أدوات الذكاء الاصطناعي التي قد تُستخدم بطريقة غير مسؤولة. إن اتخاذ خطوات فعالة نحو السيطرة على التكنولوجيا قد يُساعدنا في بناء مستقبل أكثر أمانًا واستقرارًا، حيث نعيش بتناغم مع الطبيعة والتكنولوجيا، وليس في صراع مستمر معها.