يتعرض التنوع البيولوجي العالمي للتهديد، بسبب عدة أسباب منها التغير في المناخ، وفقدان الموائل والصيد الجائر والتلوث، وكشف تقرير الكوكب الحي 2024 الصادر عن الصندوق العالمي للطبيعة في كينيا، عن انخفاضات كبيرة في متوسط حجم أنواع الحيوانات البرية في جميع أنحاء العالم وأفريقيا بشكل خاص.
ووفقًا للتقرير، شهد العالم انخفاضًا بنسبة 73٪، فيما سجلت افريقيا انخفاضا بنسبة 76٪ في حجم مجموعات الحيوانات البرية التي تمت مراقبتها بين عامي 1970 و 2020، أي على مدار 50 عاما، وهذا الانخفاض يرجع لعدة أسباب أهمها فقدان الموائل والصيد المفرط والتلوث وتأثيرات تغير المناخ.
وأكد التقرير، أن هذا الاتجاه المثير للقلق، سلط الضوء على الحاجة الملحة إلى اتخاذ إجراءات تحويلية لحماية النظم البيئية الطبيعية في افريقيا وسبل العيش التي تعتمد عليها.
وعلى الرغم من الانخفاض العام المثير للقلق في أعداد الأنواع في مؤشر "الكوكب الحي" الذى يعتمد على أكثر من 5 آلاف نوع من البرمائيات والطيور والأسماك والثدييات والزواحف، فقد استقرت أعداد الأنواع ذات الأولوية في كينيا مثل الأسد الأفريقي والفيل الأفريقي ووحيد القرن الأسود أو زادت نتيجة لجهود الحفاظ الفعالة.
زيادة فى أعداد وحيد القرن الأسود فى كينيا بعد اقترابه من الانقراض
وقال التقرير أن زيادة أعداد وحيد القرن الأسود في كينيا، من 400 حيوان، تم تسجيلها في الثمانينيات إلى 1004 في عام 2023، يمثل إنجازًا هائلاً لهذا النوع المهدد بالانقراض.
ومع ذلك، حذر التقرير من أن التدهور المستمر للنظم البيئية قد يدفع القارة إلى تجاوز نقاط التحول الحرجة، ومع تجاوز النظم البيئية لهذه العتبات، تصبح قدرتها على دعم الحياة البرية والتنمية المستدامة معرضة للخطر، مع عواقب وخيمة على الأمن الغذائي وتوافر المياه والقدرة على الصمود في مواجهة تغيرات المناخ.
ومن جهته قال محمد أوير، الرئيس التنفيذي لصندوق الحياة البرية العالمي في كينيا : "تتصدر كينيا تقديم مساهمات كبيرة لمكافحة تغير المناخ واستعادة الطبيعة، بعد أن التزمت بالإطار العالمي للتنوع البيولوجي واتفاقية باريس من بين التزامات عالمية ووطنية أخرى، إن استراتيجيات وخطط عمل التنوع البيولوجي الوطنية في البلاد تضع أهدافًا طموحة تمثل فرصة فريدة لتعبئة القدرات والموارد المالية بطريقة منسقة للمساعدة في استعادة النظم البيئية، وتعزيز الاستخدام المستدام للتنوع البيولوجي والدفاع عن تقاسم المنافع العادلة والمنصفة".
وأكد أن التزام البلاد بمبلغ 15 مليار دولار لاستعادة 10.6 مليون هكتار من المناظر الطبيعية المتدهورة، هي خطوة في الاتجاه الصحيح، وتابع :"إن استقرار أعداد الأنواع ذات الأولوية يوفر بريقًا من الأمل في أن الاتساق في نهج المجتمع بأكمله والتدخلات التعاونية لن يساعد فقط في إنقاذ الأنواع من الانقراض بل سيضمن أيضًا ازدهارها، ومع ذلك، إذا أردنا وقف فقدان الطبيعة على النطاق المطلوب لتجنب نقاط التحول العالمية والمدمرة، فيجب أن يتدفق تمويل المناخ من المستوى العالمي إلى الدول الأكثر تضررًا من أجل تنفيذها الفعال للالتزامات الوطنية وخطط العمل، وإلى القاعدة الشعبية لبناء مرونة المجتمعات الأصلية والمحلية التي تتحمل العبء الأكبر من فقدان الطبيعة وتغير المناخ ".
ومن جهته صرح جاكسون كيبلاجات، رئيس برامج الحفاظ في الصندوق العالمي للحياة البرية في كينيا : "لا تزال الأنواع الرئيسية مثل الأسد الأفريقي والفيل الأفريقي ووحيد القرن الأسود مهددة بالانقراض ولكن هناك أمل في أن تؤدي التدخلات المستمرة من قبل المسئولين إلى وقف الانحدار واستقرار أعدادها".
وتابع :"إن ارتفاع أعداد وحيد القرن الأسود في كينيا من 400 حيوان تم تسجيلها في ثمانينيات القرن العشرين إلى 1004 أفراد في عام 2023 يمثل إنجازًا هائلاً لهذا النوع المهدد بالانقراض، وهذا دليل واضح على قوة الجهود المتضافرة والمتسقة من قبل جميع أصحاب المصلحة، من المستوى العالمي إلى المستوى المحلي، إن تنفيذ خطط التعافي والعمل المستهدفة سيضمن عدم انقراض هذه الأنواع، بل ازدهارها".
الوقود الأحفورى يساهم بـ70% من غازات الاحتباس الحرارى
وأكد التقرير، إن أنظمة الطاقة والغذاء هي المحرك الرئيسي لتغير المناخ وفقدان الطبيعة، مشيرا إلى أن الوقود الأحفوري يساهم بنحو 70% من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري، كما أن إنتاج الغذاء هو السبب الرئيسي لفقدان الموائل الطبيعية للحيوانات البرية، ويمثل 70% من استخدام المياه، وهو المسئول عن أكثر من ربع انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري.
وأكد التقرير، أنه يمكن للزراعة التجديدية واستعادة الغابات، أن تعزز جودة المياه والهواء، وتحسن الأمن الغذائي والمائي، وتساعد في الحماية من التآكل والفيضانات.
ومن المقرر أن تقدم البلدان استراتيجيات وخطط عمل وطنية منقحة للتنوع البيولوجي تتماشى مع الإطار العالمي للتنوع البيولوجي قبل المؤتمر السادس عشر للتنوع البيولوجي في كالي، كولومبيا "21 أكتوبر _ 1 نوفمبر 2024"، وتحث منظمة الصندوق العالمي للطبيعة البلدان على ضمان أن تكون هذه الاستراتيجيات وخطط العمل طموحة وشاملة وتعزيز تمويل التنوع البيولوجي.
وبموجب اتفاق باريس، يتعين على البلدان تقديم خطط مناخية جديدة، مساهمات محددة وطنيا في عام 2025، وتقديم مخطط تفصيلي لكيفية مساهمتها في الحد من الاحتباس الحراري إلى 1.5 درجة مئوية.
انخفاض المياه العذبة هو الأكبر بنسبة 85%
وكشف التقرير، عن انخفاض المياه العذبة في العالم بنسبة 85%، والتي تمثل أشد الانخفاضات فيما يتعلق بالبيئة، تليها النظم البيئية الأرضية (69%) والبحرية (56%)، مما يعكس الضغوط المتزايدة على الأنهار والبحيرات والمحيطات والأراضي الرطبة بسبب الرعي الجائر والصيد الجائر وتغير استخدام الأراضي وإزالة الغابات والتلوث واستخراج المياه.
وأكد الصندوق العالمي للطبيعة في كينيا، أن السنوات الخمس المقبلة حاسمة لمستقبل التنوع البيولوجي، مشيرا إلى أن العالم لديه خمس سنوات حاسمة، بحلول عام 2030، للمساهمة بشكل كبير في مستقبل الحياة على الأرض من خلال العمل مع جميع أصحاب المصلحة لدعم الحكومات للوفاء بالتزاماتها الطموحة تجاه الأهداف العالمية من خلال تحويل أنظمة الغذاء والطاقة.