برغم الموقع الجغرافى المتميز الذى تحظى به مصر كدولة بحرية تطل على البحرين (الأبيض المتوسط) و( الأحمر) و( قناة السويس)، مما يؤهلها لريادة منطقة الشرق الأوسط والعالم العربى فى الأنشطة البحرية، إلا أنها تفتقد إلى خطوط ملاحية تنقل تجارتها البحرية، والتى تجاوزت قيمتها أكثر من 55 مليار دولار خلال العام الماضى.
وعلمت "اليوم السابع" من مصادر مسئولة أن شركة " زيم " الإسرائيلية عادت مرة أخرى لنقل تجارة مصر البحرية عن طريق أسطولها أو من خلال سفن تابعة لخطوط ملاحية أخرى مقابل نسبة من الأرباح.
وأضافت المصادر أن شركات الشحن والتفريغ الحكومية العاملة بموانئ الإسكندرية وبورسعيد تلقت أوامر بالتعامل مع شركة "زيم" الملاحية الإسرائيلية التي تقوم بنقل المكون الإسرائيلى الداخل فى صناعة الملابس المصرية فى إطار اتفاقية "الكويز".
وكان عمال شركات الشحن والتفريغ بالموانئ المصرية قد رفضوا التعامل مع سفن شركة "زيم" عقب قيام الانتفاضة الفلسطينية عام 2000.
وأشارت المصادر إلى أن الشركة اختارت وكيلاً جديداً لها فى مصر لمتابعة أعمالها بعد سحب الوكالة من أحمد خيرى، الأمين العام للحزب الوطنى بالإسكندرية سابقًا والذى تولى وكالة الشركة لسنوات سابقة.
وكان معهد التصدير الإسرائيلي قد ذكر فى تقرير سابق له أن عدد المصدرين الإسرائيليين لمصر ارتفع خلال العام الماضى بنسبة 9% ليصل إلى 123 مصدراً، بينما ارتفعت الصادرات الإسرائيلية لمصر بنسبة 160% خلال عام 2007.
وانتقد خبراء النقل البحرى عدم وجود خط ملاحى مصرى لنقل الصادرات والواردات المصرية، واعتبروا أن امتلاك إسرائيل لخط ملاحى معروف عالميا يعد إهانة كبيرة لمصر يجب الرد عليها بإنشاء خط ملاحى مصرى ينافس الخطوط العالمية.
وقال شيرين النجار، مدير شركة الحاويات المصرية، إن مصر أصبحت مركزاً محورياً لنقل التجارة البحرية فى منطقة الشرق الأوسط من خلال موانئ الإسكندرية وبورسعيد ودمياط ، وبالرغم من ذلك لم تهتم الحكومة بإنشاء خط ملاحى مصرى أو تشجيع المستثمرين على إنشائه للاستفادة من الطفرة الكبيرة فى حجم تجارة مصر البحرية .
ووفقاً لبيانات وزارة التجارة والصناعة، فقد بلغ حجم تجارة مصر الخارجية خلال العام الماضى60 مليار دولار مقارنة بـ 30 مليار دولار خلال عام 2006 وسط توقعات بأن يتجاوز حجمها الـ 120 مليار دولار خلال السنوات الثلاث القادمة ، وتنقل الموانئ المصرية أكثر من 95% من هذه التجارة ، وتشير التقديرات إلى أن حصة الشركة الإسرائيلية من نقل تجارة مصر البحرية تصل إلى أكثر من 10% .
وأضاف النجار، أن قطاع النقل البحرى لا يجد اهتماماً من البرامج الترويجية التى تقوم بتنظيمها الحكومة لقطاعات الاستثمار فى مصر، وأشار إلى أن الحكومة عليها عبء تشجيع المستثمرين فى إقامة المشروعات بقطاع النقل البحرى وإزالة العقبات التى تحول بينهم وبين تحقيق ذلك.
بدوره قال الربان عبد الرؤوف السيد "الخبير البحرى" إن أسطول النقل المصرى يشهد حالة من التدهور، ووصل الأمر إلى أننا ننقل5% فقط من تجارتنا الخارجية، بينما نسبة كبيرة من هذه التجارة تنقلها شركة "زيم" الإسرائيلية والباقى على سفن أخرى، فضلاً عن سوء أحوال موانينا البحرية، وتخلف شركات الشحن والتفريغ التى تعمل بها، مما أدى إلى خروج موانينا خارج المنافسة .
من جانبه اعترف مسئول بارز بقطاع النقل البحري ـ رفض ذكر اسمه ـ أن السفن الإسرائيلية التى تتولى نقل بضائع لشركات مصرية قادمة من دول العالم المختلفة تضطر أولاً لنقلها إلى ميناء حيفا الإسرائيلي، ثم تنقلها سفن تابعة لخطوط ملاحية أخرى غير إسرائيلية إلى الموانئ المصرية، مقابل حصة من تكلفة النقل، وأكد أن أغلب السفن التابعة للخط الإسرائيلى تحمل حاويات بضائع، معظمها من دول شرق آسيا وافريقيا لصالح شركات استيراد مصرية، وتوقع أن تقوم جميع الشركات المصرية بوقف التعامل مع الخط الإسرائيلى إذا ما تم إنشاء خط ملاحى مصرى ينقل تجارتها البحرية .
بدوره قال الربان عاطف مارونى ـ نائب مدير معهد النقل الدولى والرئيس السابق للشركة القابضة للنقل البحرى ـ إن هناك فرقاً بين الخط الملاحى والشركات الملاحية الصغيرة، فالأول هو عبارة عن شركة تدير عدداً من سفن الحاويات العملاقة، بينما الشركات الملاحية هى التى تملك سفن بضائع صغيرة، مشيراً إلى أن مصر بها عدد من الشركات الملاحية التى تنقل حوالى5% فقط من تجارتنا البحرية، ولا تمتلك مصر أى خط ملاحى فى الوقت الحالى.
وأشار مارونى إلى أن ارتفاع تكلفة إنشاء شركة " خط ملاحى" هو أحد أسباب عزوف المستثمرين بمصر عن الدخول فى هذا المجال، حيث تصل تكلفة سفن الحاويات إلى نحو 100مليون دولار، بمعنى أن تأسيس خط ملاحى يضم 6 سفن حاويات سيتطلب رأسمالاً فى حدود 600 مليون دولار، وهى استثمارات ضخمة من الصعب توفيرها فى مصر بدون تمويل من البنوك التى ترفض بدورها تمويل أنشطة النقل البحرى.
ودعا البنوك العاملة بالسوق إلى تمويل المستثمرين الراغبين فى إنشاء خطوط ملاحية وطنية للاستفادة من الطفرة الهائلة فى حجم تجارتنا البحرية.
يشار إلى أن مصر من أوائل دول العالم التى عرفت صناعة السفن ودخلت فى مجال النقل البحرى، حتى اندثرت هذه الصناعة، وباتت مصرلا تستورد الخبرات الأجنبية لتطوير صناعة السفن المحلية، ولا تمتلك خطاً ملاحياً واحداً !
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة