فى شهر أكتوبر من كل عام، وعلى مدار أكثر من ثلاثين عاماً، يتكرر وبالكربون حديث وأمنيات المسئولين عن العملية الفنية فى مصر من منتجين ومؤلفين وممثلين ومخرجين ونقاد، عن ضرورة تدشين فيلم سينمائى جديد وكبير وضخم يرصد لبطولة "العسكرية" المصرية فى حرب أكتوبر، بعيداً عن أفلام "العمر لحظة" و"الرصاصة لا تزال فى جيبى" و"بدور" و"أبناء الصمت" و"الوفاء العظيم"، مع الأخذ فى الاعتبار أن حدث الحرب لم يكن الحدث الرئيسى فى أى من هذه الأفلام، ولكنه أتى كحادث عارض وسط قصة اجتماعية أو رومانسية عادية تصلح للتقديم بشكل منفصل من دون الحاجة إلى إقحام حدث الحرب.
وخلال العقود الثلاثة الماضية أُنتج فيلمان، هما وجهان لعملة واحدة، حيث يتناولان نجاح رجال القوات البحرية المصرية أثناء حرب الاستنزاف، فى تدمير المدمرة الإسرائيلية "إيلات" الأول "الطريق إلى إيلات" للمخرجة إنعام محمد على، وحقق نجاحاً محدوداً، والثانى "يوم الكرامة" لعلى عبد الخالق وفشل فشلاً مدوياً على جميع الأصعدة.
وقبل 12 عاماً قام فريق مكون من المؤلف إبراهيم رشاد ومصطفى بدر والمخرج محمد راضى بكتابة سيناريو فيلم "حائط البطولات"، وأشرف على السيناريو قبل رحيله المشير محمد على فهمى قائد قوات الدفاع الجوى الأسبق وصاحب حائط الصواريخ الأشهر فى حرب أكتوبر 1973، وأنتج الفيلم مشاركة بين قطاع الإنتاج والمنتج عادل حسنى بمشاركة عدد كبير من الفنانين وصل إلى 116 ممثلاً وممثلة جسدوا شخصيات الجانبين "المصرى"، ومنهم محمود ياسين وفاروق الفيشاوى ورغدة وأحمد بدير وخالد النبوى وحنان ترك وندى بسيونى، و"الإسرائيلى" ومنهم عايدة عبد العزيز "جولدا مائير" وغسان مطر"موشى ديان"، واهتمت الصحافة وقتها بالفيلم اهتماماً فاق الوصف، كون أحداثه تتناول حرب أكتوبر من خلال مهمة حربية صعبة قامت بها إحدى كتائب الدفاع الجوى بقيادة الرائد فؤاد المصرى لإسقاط الطائرة الإسرائيلية الأسطورة التى استخدمتها إسرائيل فى رصد المواقع الحصينة فى مصر وكشفها بدقة متناهية، وكانت تلك الطائرة أعلى ما وصلت إليه التكنولوجيا الأمريكية فى صناعة الطائرات، وبعد عدة مناورات ينجح الرائد "فؤاد" فى إصابة الطائرة وتفجيرها، كما ينجح فى أسر طيار إسرائيلى، كان يقود طائرة فانتوم لحراسة الطائرة الأسطورة، ليكون هذا نذيراً بأن مصر لن تفرط فى جزء من أراضيها.
وبعد إنجاز تصوير أكثر من ثلثى الفيلم بكفاءة كبيرة رضى عنها الجميع وعلى رأسهم المخرج محمد راضى صاحب فيلمى "العمر لحظة" و"أبناء الصمت"، توقف التصوير، وقيل إن التوقف جاء لأسباب مالية بسبب مطالبة شركة مصر للاستوديوهات للمنتج عادل حسنى بسداد مليون جنيه لها مقابل آلات وكاميرات واستوديوهات للتصوير، وبعد فترة استؤنف التصوير ثم توقف، وقيل إنه يجرى التفاوض مع نور الشريف لتجسيد سبعة مشاهد فى أحداث الفيلم، هى عبارة عن شخصية اللواء طيار "محمد حسنى مبارك" قائد القوات الجوية أثناء الحرب، وطال التوقف وقيل إن الرئيس رفض ظهور شخصيته فى الأحداث، وأن أسرة الفيلم تحايلت على الموقف درامياً، وأنهم بصدد القيام بعمليات المونتاج والمكساج ووضع الموسيقى التصويرية، ثم الطبع والتحميض.
وقال لى أصدقائى المقربون فى أسرة الفيلم، فى محاولة جادة لقطع فضولى وتساؤلاتى المستمرة لهم عن مصير الفيلم، إنه سيعرض فى مناسبة ذكرى انتصارات أكتوبر عام 2001، وحاولت تصديقهم وانتظرت.
وأسألهم الآن وعلى الملأ بعد أن نفذ صبرى من طول الانتظار، وأسأل المسئولين عن قطاع الإنتاج ووزارة الإعلام والمنتج المشارك، أين الفيلم الذى وضعه المخرج على موقعه الإلكترونى ضمن الأفلام التى تولى إخراجها خلال مشواره الفنى؟ وأين العشرة ملايين جنيه أو أكثر التى رصدت وقتها لإنتاج الفيلم والتى تعادل الآن أكثر من 200 مليون جنيه؟