معركة كبرى تدور حالياً بين موقع قناة عربية شهيرة وعدد من الجرائد الشعبية، وبين جمعية أهلية مصرية قامت بإعداد حقيبة تدريبية عن التربية الجنسية من منظور علمى نفسى ثقافى.
بدأت المعركة عندما نشرت الهيئة القبطية الإنجيلية للخدمات الاجتماعية، الحقيبة التدريبية "حياة أفضل للشباب"، والتى تعنى بنشر وتعليم الثقافة الأسرية وخاصة التربية الجنسية بين الأجيال الشابة سواء من المقبلين على الزواج وتكوين أسرة أو الذين يقفون على أعتاب مرحلة البلوغ والمراهقة، وكذلك توعية الأطفال عبر وسائط جذابة بأشكال التحرش الجنسى، وكيف يمكن للطفل فى المراحل المختلفة مواجهته، أيضاً، كيف يمكن للوالدين معالجة طفلهما من آثار التحرش.
لكن من تلقفوا الحقيبة، وضعوها فى سياق ترصد جهة مسيحية لإفساد الشباب المسلم بواسطة المواد الجنسية، مغفلين عمداً توجه الحقيبة التدريبية إلى الآباء والمعلمين والقيادات المجتمعية التى تتعامل مع الشباب والأطفال والمراهقين والمتزوجين حديثاً.
كما أغفلوا عدة مؤشرات تقضى بإعداد عشرات الحقائب الإرشادية، منها التطور الذى اجتاح العالم واحتشاد شبكات الإنترنت بالموضوعات والأفلام والصور الملوثة وانفتاح الفضائيات الكبير، والذى كان يحتم على وزارات التعليم والثقافة والتضامن الاجتماعى والمجلس الأعلى للشباب، أن تعمل على تدارك المخاطر الثقافية على الأجيال المتعرضة لتيارات السماوات المفتوحة والاستخدام السيئ للإنترنت.
كما نسى الذين أشعلوا المعركة، المؤشرات الخطيرة الدالة على تحول جذرى فى الثقافة المجتمعية، ومنها على سبيل المثال:
- زيادة معدلات التحرش الجنسى فى الشارع ومؤسسات العمل والبيت.
- المعدلات الخطيرة لجرائم زنا المحارم والاعتداءات الجنسية داخل مؤسسة الأسرة.
- انتشار ثقافة لوم الضحية فى المجتمع المصرى والمجتمعات العربية عموماً فيما يتعلق بالجرائم ذات الطابع الجنسى وجرائم الشرف.
- زيادة معدلات التحرش الجنسى بالأطفال.
ونسوا أيضاً كارثة تعامل الآباء والأمهات مع الأسئلة الفطرية التى يطرحها الأطفال والمراهقين، وكذلك عجزهما عن التعامل مع المشاكل المرتبطة بالنمو، وهى مشكلات ناتجة عن ثقافة التواطؤ والأخلاق الظاهرية التى تحكم المجتمع، ويكفى أن نتذكر التجربة التى مررنا بها جميعاً فى الصف الثالث الإعدادى، عندما كان مدير المدرسة يعلن حالة الطوارئ عند حلول موعد حصة العلوم، التى يضطر فيها مدرس العلوم لشرح درس الجهاز التناسلى للإنسان بنوعيه، وغالباً ما كانت الحصة تنتهى دون شرح الدرس، وعلى التلاميذ المتضررين اللجوء لخيالهم أو لأصدقائهم الأكثر خبرة، ممن يملكون الصور الملونة.
معركة الثقافة الجنسية مرشحة للتفاقم خلال الأيام المقبلة بين أنصار سياسة النعامة الذين يتصورون أنّ نفيهم لوجود المرض يعالجه وبين المبادرين بالعلاج، حتى لو كان العلاج خطوة أولى تحتاج إلى التدعيم، ونقول للذين أشعلوا هذه المعركة المفتعلة، والتى تكبر تدريجياً مثل كرة الثلج المتدحرجة، أنْ يفيدونا بكيفية مواجهة التحرش الجنسى، ومواجهة المشكلات الجنسية للمتزوجين حديثاً، وتعليم المراهقين كيف يتعاملون مع تحولات المراهقة حتى يعبروا تلك الفترة العاصفة دون مشاكل أو هزات نفسية، وكيف نواجه أخطار التحرش الجنسى بالأطفال وعلاجهم من الآثار المترتبة عليه، وإذا لم يكن عندهم سوى الكلام المكرر عن ثقافة العيب البعيدة كل البعد عن الأخلاق القويمة، فعليهم أن يصمتوا.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة