لم يعد العدل وحده كافيًا كأساس للملك أو الحكم.. الأمن بات يتوغل وينتشر.. حتى سحق العدل وأبعده عن أركان أى ملك أو حكم.. فالعدل لا يقبل أن تتراجع حرية.. أمام البطش والتسلط والتحكم فى مصائر البشر.. والعدل لا يقبل أيضًا أن نسلم مفاتيح الحياة دفعة واحدة إلى رجل الأمن.. فهو المسئول عن اختيار وكلاء النائب العام قضاة المستقبل.. ولا يصدر قرار رئيس الجمهورية بتعيين وكلاء النيابة إلا بعد تحريات الأمن.. الأساتذة فى الجامعات لا تقبلهم بها إلا بعد موافقة الأمن الذى يجرى تفتيشًا فى العقول والانتماءات السياسية.. حتى رغيف الخبز لم يعد ممكنًا إلا من خلال أكشاك تحت إشراف الأمن.. ومنذ أن تستيقظ صباحًا وحتى تعود إلى منزلك ليلاً.. فالأمن يحكم حركة سيرك على مدار الساعة.. من إهمال تسيير حركة سيارات المواطن لحساب سيارات أخرى.. لم تقف يومًا فى إشارة.. ولم يجرب قائدوها الوقوف لساعات طويلة.. أو الحركة بسرعة السلحفاة.. التى تترك آثارها على الدم الذى يحترق وضغطه يصبح من النوع الثائر.. الذى يربك القلوب ويضعفها.
الأمن يتدخل فى حسم الانتخابات.. وإنجاح من تريده الحكومة بدءًا من انتخابات المدارس والجامعات.. وحتى انتخابات البرلمان.. وتفرز ديمقراطية المباحث أشباه أشخاص يتراقصون ليل نهار أمام الكاميرات يكذبون ويسرقون ويحتكرون.. أملاً فى الاستمرار لأطول فترة ممكنة.
الأمن يحكم المحافظات والمدن والقرى.. حتى انتخابات العمد والمشايخ لم يعد ممكنًا.. حتى شيوخ القبائل فى الشرق والغرب لابد من إعلان تبعيتهم لرغبة رجل الأمن الحاكم فى المنطقة.. النقابات العمالية ليست بعيدة.
الأمن لم يقاتل من أجل السيطرة والتحكم.. لكنها سياسات كان بعضها مقبولاً أما أغلبها فهو نتاج عقول حاكمة تختار الأسهل.. وتفضل أهل الثقة وتتجنب الاقتراب من أصحاب الكفاءة.. خوفًا على الاستقرار الذى لن يحققه الأمن.. حتى لو كان هو أساس الملك.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة