السياسة تحتل المقعد الخلفى للاقتصاد، هذه بديهة ليست بحاجة إلى مراجعة من أى نوع، حتى من قبل وقوع «تسونامى وول ستريت» المجلجل فى الولايات المتحدة الأمريكية، والحال هكذا، هل تلجأ الولايات المتحدة التى أصابتها الخسائر الأفدح فى طوفان البورصات الدولية، إلى القيام بعمل متهور للخروج من هذه الأزمة، التى تبدو مستعصية على الحل؟
> ماذا؟.. عمل متهور؟
- نعم، مثل شن حرب جديدة على دولة ما، كعلاج لحالة الركود الطويل الذى سيضرب اقتصادها فى مقتل بدءاً من الآن فصاعدا، وربما يستغرق عمر جيلين للتعافى منه تماماً، فالبرجماتية الأمريكية لا تعرف حدوداً، ولا يجد خيالها الشره خطوطاً أخلاقية، ولها سجل أسود وسوابق اقتصادية وعسكرية فى تدبير الحروب للإفلات من مآزقها الداخلية، وإشعال الحرائق ليدفأ الدولار.
حدث ذلك إبان الحرب الكورية فى أعوام الخمسينيات، حين ضرب أسواقها ركود اقتصادى،فلجأت إلى فتح جبهات جديدة لتوسيع العمليات، ومن ثم تزييت عجلات المصانع، لإنعاش الاقتصاد الأمريكى.
الفارق بين اليوم وأمس، أنه أثناء الأزمة المالية فى الخمسينيات كان هناك فائض فى الموازنة الأمريكية، بينما فى أزمة وول ستريت الحالية، تعانى واشنطن عجزاً فادحاً يصل إلى 950 مليار دولار، هى للمفارقة تكلفة الحرب على العراق، على نحو ما لاحظ الكاتب والصحفى البريطانى الأشهر، روبرت فيسك فى الأسبوع الماضى.
> لا حرب إذن؟
- الأمانة تقتضى القول، بأن الظروف الأمريكية غير مواتية، لكن لواشنطن حسابات أخرى، دائماً لا نعرفها فى حينها، من ثم علينا التحسب للأسوأ، وطرح بعض الأسئلة الصغيرة عن المناطق المرشحة للذبح ككبش فداء للانهيار المالى الأمريكى.
> وما هو السيناريو المرجح؟
- اختيار إحدى دوله الفاشلة «بالتعبير التنموى»، واستهدافها بعمليات عسكرية متتالية فى إطار حرب جديدة.
والدول الفاشلة أو التى يمكن استهدافها كثيرة، ومن السهولة بمكان استدعاء أسباب ضربها: إعادة تسخين الأزمة مع إيران، أو إعادة تذكير العالم باغتيال رفيق الحريرى، قبل استهداف سوريا.. إلخ.
لكن مهلاً، هناك سيناريو جاهز الآن، عنوانه: الحرب ضد القرصنة فى مياه البحر الأحمر، سيكون مطلوباً فى هذه الحالة، اصطفاف دول غربية وعربية فى هذه الحرب ضد الإرهاب البحرى العربى، وستكون الدول العربية مدعوة لسداد فواتير الأسلحة الأمريكية المستخدمة فى الحرب.