أطلق الدكتور أحمد نظيف رئيس الوزراء، اكتشافات عجيبة فى حواره للأهرام يوم السبت الماضى، من ضمنها رفضه لضبط الأسعار وتنظيم السوق، معللا ذلك بأنه «من العيب تحديد هامش ربح لأنه يمس كل فكر اقتصاد السوق»، وحين ضرب له المتحاورون مثلا بدول الخليج وهى دول رأسمالية وفيها انضباط أسعار، رد: «أى قاعدة تطول تقلب أيديولوجى».
أطلق نظيف اكتشافه «المذهل» الذى سيخلد باسمه، وأراح نفسه من أى جدل، واستدعى من جرابه لفظ الأيديولوجيا الذى لا يحبه رجال الأعمال، ولم يعد يثور من أجله الفقراء، وبعد ساعات من الاكتشاف ارتفعت أسعار السكر واللحوم والدواجن دون مبرر يذكر، ودون معرفة الأسباب، فيما يعنى أن كلام نظيف مضبوط على الموجة التى يفضل الاستماع اليها المتحكمون فى الأسواق، ومضبوطة بالدرجة التى يتجاهلون فيها كتجاهل رئيس الوزراء انخفاض الأسعار عالميا وعدم انخفاضها محليا، وإطلالة واحدة على أسعار السلع فى الأسواق تقربنا من الحقيقة، وتؤكد لنا أن رئيس الوزراء يعيش فى برج عاجى، يردد أرقامه التى لا تطعم فقيرا ولا تسد رمق جائع.
خذ مثلا أسعار الحبوب الغذائية، خاصة العدس والفول، فمنذ شهور تشترى الأسرة كيلو العدس بـ16 جنيها، وما أدراكم ما العدس الذى لم يعد «لحمة الفقراء» كما كان معروفا، والسبب جنون سعره، أما الفول فلم يكسر انخفاضا حاجز 9 جنيهات ونصف، وما أدراكم أيضا بالفول الذى يعد سترا وغطاء للفقراء، والعينات المماثلة كثيرة منها زيت الطعام، الذى أصبح سعر عبوته وكأنها برميل نفط، وبإطلالة إلى السلع الأخرى كالحديد والأسمنت وغيرهما، نكتشف أن الأسعار تطل بألسنتها للجميع بمن فيهم الدكتور نظيف وحكومته، وذلك بفضل المحتكرين الذين يسيطرون على الأسواق دون ضبط وردع، وإذا كانت الحكومة تعبر بحق عن عموم الشعب المصرى وليس رجال أعماله فقط، ألا يستحق الأمر تدخلا حاسما باسم أى شىء باستثناء الأيديولوجيا، التى لا يطيق نظيف الاستماع لاسمها، ويبقى فى الحلق سؤالا لرئيس الحكومة وهو: ألا يعد التدخل الحاصل الآن من الحكومات الغربية، أى فى أعتى قلاع الرأسمالية بشراء البنوك وحماية الشركات، نوعا من الأيديولوجيا؟ إذا كان سؤالى غير صحيح فليقل لنا نظيف توصيفه الصحيح حتى يضيفه إلى اكتشافاته التى جاءت فى حواره للأهرام.