أما الأصوات فهى فى معظم الأحيان متواضعة، محدودة الإمكانيات، غير مدربة وغير قادرة على التصرف الذى يثير المستمع، ويشد اهتمامه، ويتلاعب بخياله وتوقعاته.
حتى الآن، لا يبدو أن جمهور الغناء مقتنع بالأغانى الجديدة التى يسمعها، ومازال الكثيرون يتساءلون: هل يمكن أن يعود عصر الطرب الحقيقى من جديد، ويظهر ملحنون من وزن القصبجى، وزكريا أحمد، والسنباطى، ومطربون بمستوى عبدالوهاب، وأم كلثوم، وشعراء كأحمد رامى، وبيرم التونسى، وحسين السيد، وصلاح جاهين؟
ورغم مرور ثلاثين أو أربعين سنة على رحيل معظم هؤلاء فالسؤال مازال يتردد، ومازالت الأغنية الجديدة رغم انتشارها وسيطرتها عاجزة عن إرضاء هذا الجمهور الذى لا يجد فيها ما يبحث عنه، وهو الطرب.
والطرب حالة أو انفعال خاص يرتبط باللحن، وبالأداء الصوتى وبقدرة المطرب على التلوين والتعبير والارتجال، والأغانى الجديدة فى نظر هذا الجمهور لا تهتم باللحن، ومعظم ما أذيع منها خلال السنوات العشرين أو الثلاثين الماضية لا يخرج فى نظر الكثيرين عن جمل شائعة محفوظة مكررة تنتمى إلى مقامين أو ثلاثة، وتتجاهل معظم مقامات الموسيقى العربية، لأنها مقامات صعبة تحتاج إلى قدرة خاصة فى الأداء، والآلات الموسيقية المستخدمة فى الألحان الجديدة محددوة؛ لأن الألحان مبرمجة، تعتمد على الإيقاع، والإيقاع بسيط ساذج، هو إيقاع الدربكة الشعبية، أما الأصوات فهى فى معظم الأحيان متواضعة، محدودة الإمكانيات، غير مدربة وغير قادرة على التصرف الذى يثير المستمع، ويشد اهتمامه، ويتلاعب بخياله وتوقعاته.
لهذا عجزت الأغنية الجديدة عن إرضاء جمهور الطرب الذى مازال ينتظر جيلا جديدًا من الملحنين والمطربين والشعراء يواصل عمل الجيل الراحل، هل يعتبر هذا نوعًا من الحنين للماضى؟
عل كل حال، جمهور الأغنية العربية ليس هو وحده الذى يحلم باستعادة زمن الطرب القديم، فالأغانى الجديدة فى أوروبا لا تختلف كثيرًا عن الأغانى الجديدة فى البلاد العربية، ولهذا يتذكر الفرنسيون أغانى إيث بياف، وإيف مونتان، وجورج براسانس، وجاك بريل، ويقارنون بينها وبين الأغانى الجديدة التى يستمعون إليها الآن، هذه الأغانى التى تستهلك بسرعة، وتفقد قيمتها فى بضعة أسابيع.
لكن البرامج والقنوات الثقافية لا تكف عن تقديم ما يطلبه المستعمون الفرنسيون بما فى ذلك الأوبرات الشهيرة، أما عندنا فالمستعمون لا يستمع إليهم أحد!
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة