د. سعيد إسماعيل على

ليست اتحادات للطلاب!

الخميس، 30 أكتوبر 2008 03:26 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كنت جالسا فى مكتب عميد إحدى الكليات منذ عدة سنوات، عندما دخل طالب يرجو العميد أن يتسع صدره ليسمع كلمات وتساؤلات له..

فلما أبدى العميد استعداده لسماعه، قال متسائلا:إننى طالب بالفرقة الرابعة بقسم...
حصلت على تقدير جيد جدا فى السنوات الأولى والثانية والثالثة.. ولم أدخل فى حياتى قسم شرطة، ولا سُجلت ضدى مشاجرة أو نزاع.. ولا حُولت مرة لمجلس تأديب..
حبانى الله نعمة حب الجميع، فطلبوا أن أرشح نفسى لانتخابات اتحاد الطلاب، ثم إذا بى أفاجأ بشطب اسمى، وأنا لا أعلم لماذا تم ذلك!

أنتم أحرار يا سيدى فيما تفعلون، لكن أليس من حقى أن أعلم: لماذا؟ فقد يكون هناك خلل عندى، فإذا عرفته ساعدتمونى فى إصلاح نفسى، إننى يا أستاذى أعلم أن المجرمين الذين تقبض الشرطة عليهم فى الأقسام، وفى النيابة، وفى المحاكم، يُعلَمون بتهمتهم وتتاح لهم فرصة الدفاع عن أنفسهم، فهل ما أتيته من جرم لا أعلمه أشد خطرا من كل من جُرجِر إلى أقسام الشرطة، وقُدم للنيابة والمحاكم؟

كنت مذهولا وأنا أتابع حديث الطالب وتساؤلاته، فإذا بذهولى يزداد، لقد قال الرجل بصراحة عجيبة:
والله يا ابنى أنا نفسى لا أعرف! فلسنا نحن الذين يقومون بالشطب.. إنه «الأمن»، الذى لا راد لكلامه!
ويتكرر تساؤل الطالب: إذن أريد أن أعرف الأسباب؟
أجاب العميد: أنت تسأل وهم لا يُسألون!!
وقفزت الدموع من عين الطالب، وغادر المكان دامع العينين، مكسور الجناح!
ولو تخيلت مثل هذا الطالب بعد ذلك، عندما يتخرج، ويكون فى موقف انتخابات نقابة أو جمعية أو مجلس شعب أو شورى أو رئاسة، ترى ماذا سوف يكون رد فعله وجهده ونشاطه؟
السلبية المؤكدة، وربما سلوكيات غير مستقيمة من تزوير أو كذب، وربما مقاطعة كلية، وإعلان عدم الثقة فى كل هذا وجدواه واستقامته، وغالبا ضعف الشعور بالانتماء والولاء، فلا قيمة لوطن يستثنى بعض مواطنيه من المشاركة فى تقرير أمورهم، لمجرد أنهم يرون ما لا تراه الحكومة، ويحبون ما لا تحبه الحكومة، دون أن يلجأوا إلى أية وسيلة عنف مادى لتشخيص ما يحبون وما يكرهون وما يرون!!

إنها لجريمة بشعة حقا أن نجىء لهؤلاء الشباب وهم فى مرحلة طلب التعليم الجامعى، وعلى وشك التخرج ليصبحوا قوى عاملة تنمو بالوطن، حيث تكون الفرصة ذهبية لتدريبهم على المشاركة فى تحمل المسئولية، وممارسة القيم الديمقراطية، لينتقلوا بها بعد ذلك إلى الساحة الوطنية الكبرى، فيحسنوا الممارسة، ويتوجهوا بها فى الاتجاه الصحيح الذى يبنى ولا يدمر، يُقَوِّم ولا ينحرف..إننا نقتل فيهم الأمانى والأحلام بهذه الممارسات اللاإنسانية، اللاوطنية..





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة