مدحت قلادة

نرجسية أهل الشرق

السبت، 04 أكتوبر 2008 08:03 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
"النرجسية" مرض مزمن مصاب به أهل الشرق، رغم تأخرهم وتخلفهم فى جميع مناحى الحياة يؤمنون أنهم الأفضل دائماً, فحينما تتحدث عن فضيلة ما يسارع الكل لإثبات أنها من العقيدة الدينية ووصل بهم حد النرجسية إلى أن جميع الحقائق العلمية المعلنة وغير المعلنة هم أصحابها، فانطبق عليهم المثل القائل "رزق .. على ..".

فى بلاد الكفر، مظاهر التدين الخارجية لا تشكل محوراً لحياة البشر بل عملهم الصادق الجاد هو المحور الحقيقى, ولو دققنا النظر لأصبحت بلاد الكفار تنطق إيماناً وبلاد الإيمان تنطق كفراً، كما قال الشيخ محمد عبده.

ومنذ أسبوعين تقريباً زارنى أحد الكتاب المصريين المرموقين، وذهبت إلى المطار لاستقباله وقمت بركن سيارتى لاصطحابه من الفندق فإذا بسيارة صدمت سيارتى وحطمت إحدى المرايا وثمنها لا يقل عن 5000 جنيه مصرى، دخلت الفندق لإخبار المسئولين عما حدث لسيارتى أمام الفندق، فإذا بموظفة الاستقبال تخبرنى "أن هناك خبراً جيداً وسط الأخبار السيئة"، ثم أعطتنى ورقتين الأولى مدون بها اسم وتليفون من صدم سيارتى والثانية اسم ورقم تليفون شاهد رأى الحادثة، أصيب زميلى بصدمة حضارية واندهش من الشفافية والصدق مع النفس التى يتعاملون بها فى المجتمع السويسرى "الكافر" فى عرف العرب ضارباً مثلاً حياً من مصر، ليؤكد من الواقع المصرى "فى أى حادثة يكون الإنسان غلطان يخرج من سيارته يسب ويلعن، ومن الممكن أن يضربك أو يلطمك إن أمكن ..إلخ"، قاطعته وقلت له لا تنس أن منطقتنا منطقة إيمان وتوحيد وهنا بلاد الكفر، صمت قليلاً وقال مستنكراً "أليس للإيمان انعكاس على الأعمال أم إيمان نظرى فى الكتب وداخل القلوب فقط، فالإيمان إن لم يكن له أعمال ميت فى ذاته".

العام السابق شاركت فى أسبوع "المدى الثقافى" بفندق شيراتون باربيل كوردستان شمال العراق، وتعرفت على أحد نجوم الغناء بالعراق واسمه حسين نعمة، وإذ به يقابلنى هذا الأخ وسألنى هل أنت مسلم فأخبرته لا أنا مسيحى مصرى، فبادرنى نحن إخوة فى العروبة، فقلت له لست عربياً أنا مصرى، وليتك لا تصفنى بعربى، لأن وصفك هذا أعتبره تقليلاً من شأنى كمصرى، فإذ نغمة صوته تعلو نسبياً ويعطينى درساً حنجورياً نووياً، "نحن أمة نحن العرب فضلنا على العالم الغربى، نحن لنا تاريخ عظيم، نحن..إلخ"، فإذ بى أقاطعه متهكماً من أسلوبه الخطابى وصوته العالى ليتك تنزل من على الحصان، فسكت فى الحال وقال فهمت الدرس.

أخيراً شعوب المنطقة شعوب نرجسية تعيش على الوهم والكلام دون الفعل فقط، وليس لأعمالها نصيب من أوصافها ومن الغريب والعجيب والمريب أنهم يؤمنون بما يقولون عن أنفسهم.
مساكين أهل المنطقة أدمنوا النرجسية وانطبق عليهم ما ذكـــره المتنبى "أمط عنك تشبيهى بما وكأنما فما أحد فوقى ولا أحد مثلى"، وكذلك "وكل ما خلق الله وما لم يخلقِ محتقر عن همتى كشعرة من مفرقىِ" ترى متى تنتهى نرجسية أهل الشرق.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة