أصدر الرئيس حسنى مبارك قراراً بالعفو عن إبراهيم عيسى رئيس تحرير جريدة الدستور، فهل سيلحق بهذا القرار قرار آخر للعفو عن أيمن نور ورؤساء التحرير الأربعة، على أن يعقب ذلك تنقية القوانين من العقوبات السالبة للحريات وإغلاق ملف قضايا النشر؟
جاء قرار العفو الرئاسى عن الصحفى إبراهيم عيسى بمثابة بارقة أمل لصحفيى مصر وعلى رأسهم رؤساء التحرير، التى ستنظر محكمة استئناف العجوزة الحكم فى قضيتهم 11 أكتوبر الجارى، عادل حمودة ووائل الإبراشى وعبد الحليم قنديل.
فهنيئاً لهم مقدماً .. فإن كان الرئيس أصدر قراراً بالعفو عن حبس عيسى شهرين فى قضيته "صحة الرئيس"، لأنه الأب الذى لا يمكن أن يجلد أبناءه، حتى وإن طالته شقاوتهم، فربما سيعفو عن حمودة وقنديل والإبراشى ونور.
ولعله آن الأوان أن ننعم نحن صحفيو مصر بمناخ صحى، تسوده أجواء الحرية التى لا تمنح ولا تعطى هبة، فهى حق لا يضيع طالماً هناك من يطالبون به، أملاً فى السعى لتعميم قرار العفو فى جميع قضايا النشر، كبداية لإغلاق جميع قضايا النشر، وتبقى حرية التعبير والنشر ترفرف على أرض الوطن، قولاً وفعلاً.
لتتمتع صاحبة الجلالة بالسلطة التى يخولها لها الدستور وحقوق الإنسان والاتفاقيات الدولية
فهى السلطة الرابعة، باعتبارها أساساً ممتزجاً بباقى السلطات الثلاثة، فالصحافة والصحفيون وجه آخر للمجتمع، يساهمون فى التشريع ويلتزمون بالقوانين مثل غيرهم من المواطنين، لكنهم يقومون بدور الضمير فى المجتمع، ويظهرون المساوئ والأخطاء بهدف الإصلاح، ويرصدون الخلل ويساهمون فى علاجه.
لابد أن ينعم الصحفيون بما تحمله شعارات الوطن من مفردات للحرية والديمقراطية، ولا تكن مجرد مفردات جوفاء خاوية من مضمونها، فالجوهر أيضاً عليه أن يحمل ملامح الحرية، فهو السبيل الوحيد للنهضة التى يسعى إليها محبو هذا الوطن من صحفيين وسياسيين، وأن يملك أصحابه القدرة على المواجهة والشفافية.
كان الرئيس يوماً من الأيام يترقب مقالات عيسى بشغف، وربما كانت تحمله عباراته للحلم معنا بوطن ينعم بالحرية بمفهومها البناء، حين كان عيسى يلملم بلسانه وقلبه ويده، آهات البشر بشجاعة المقاتل والمحب والناقد من أجل البناء.
فالوطن ملك لنا جميعا نراه بأعين المحبين، نمسك بالداء ونبحث عن الدواء، نهرول من أجل أن نعيش بأرض تعمها الحرية والصفاء، ونمسك بالسلبيات لنلقى بها فى أقرب بحر لتبقى أرضنا خاوية من الضعف والضعفاء، نمسك بالفساد ليظهر الإصلاح.
وإن كان بيننا من تفلت منهم المفردات لتوقعهم فى شرك الخطأ، فلدينا نقابة وقانون واستقلالية، تمنح القائمين عليها العقاب والردع، وفق الضوابط النقابية التى تراعى أبعاد حرية الرأى والتعبير، بحيث لا تجور على حريات الآخرين وحرماتهم.
يظل نهج عيسى سبيلاً لكل الشرفاء من الصحفيين، الذين لن يقبلوا الوقوف مكانهم مكممين الفم، ولا حمل أقلام مقصوفة، ولن يبقى عيسى مكبلاً بقيد الجميل، فالعفو ليس منحة، فالرئيس استخدم حقه الدستورى والقانونى بإصدار القرار، ومن حقنا نحن أن نتمسك أيضاً بحقنا الدستورى والقانونى فى حرية الرأى والتعبير.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة