وإيه يعنى مش أنا لوحدى اللى أخد تصاريح".
هذا كان رد الزميل محمد على إبراهيم رئيس تحرير الجمهورية، عندما سألته جريدة البديل عن مدى أحقيته فى الحصول على تصاريح سفر مجانية من هيئة السكك الحديدية.
والرجل محق، فقائمة المحظوظين فى دفتر سموه "المجاملات"، تضم صحفيين ونواب برلمان ولواءات وقيادات كبيرة فى مختلف الوزارات، بل والمخجل أكثر أن بها زوجات بعضهم، منهم حمدى الطحان رئيس لجنة النقل والمواصلات بالبرلمان والسيدة زوجته، رغم أن دوره هو مراقبة أداء الجهات التنفيذية، بما فيها هيئة السكك الحديدية. الأكثر غرابة أنه عندما سأله الزميل اللامع رضا حبيشى عن السبب قال "هذه ليست قضية الفساد الكبيرة التى ينبغى التركيز عليها، فالفساد أكبر من ذلك بمراحل".
رد فاسد ويخلو من المنطق، لأن الهدف مما سموه "تصاريح مجاملة"، ومعه دفتر "امتيازات من خارج الهيئة" عند مكتب وزير النقل، وليعذرنى المحظوظون، رشاوى صغيرة، لشراء ولائهم، فهل يليق هذا بالهيئة أو الوزير أو المحظوظين؟
الحقيقة أن الطحان وغيره ليسوا استثناءً، ولكنها حالة عامة فى البلد تتعامل مع الرشاوى باعتبارها أمرا عاديا لا يستوجب المساءلة، فهناك قرار جمهورى أصدره الرئيس جمال عبد الناصر، كما جاء فى البديل، منح الامتيازات للعاملين بهيئة السكك الحديدية وأبنائهم وأزواجهم، والوزراء الحاليين والسابقين وأزواجهم، والمحافظين الحاليين فقط، والعاملين بشرطة ونيابة النقل أثناء فترة عملهم دون أن تشمل هذه التصاريح زوجاتهم أو أبنائهم.
وإذا أضفت على ذلك حصول فئات عديدة على امتيازات دون وجه حق، مثل القضاة والشرطة والصحفيين وغيرهم.. لاكتشفت أن هناك حالة تواطؤ عامة فى المجتمع على هذا التمييز والفساد، بل والأغرب هى الحرب التى تخوضها نقابات ووزارات وغيرها ليأخذوا نصيبهم من الرشاوى، رغم أنهم يعرفون أن كل هذا من عرق دافعى الضرائب، وذلك بدلا من النضال من أجل أجور محترمة تمكنهم من شراء ما يشاءون بكرامة.
فهل هذا عدل؟
لا أظن، بل وأجزم أنه يخالف الدستور الذى ينص على المساواة بين المواطنين، ولكنها السلطة الحاكمة التى تريد رشوة فئات من عرق فئات أخرى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة