لو كان هناك احترام لذاكرة الناس، ما فعلت الحكومة كل ما تفعله الآن فى مسألة «الصكوك» من حماس، برفع الفكرة إلى حد اعتبارها «مشروعا قوميا» سيجتمع الناس حوله، بما يؤدى لتزكية فرص مرشحى الحزب الوطنى فى الانتخابات البرلمانية المقبلة.
نفس الحماس كان موجودا وقت طرح برنامج الإصلاح الاقتصادى فى مطلع التسعينيات من القرن الماضى، وبشرونا معه بأن القادم سيكون سمنا وعسلا، وعلينا فقط تحمل بعض التبعات.
ولو طالعنا تصريحات المسئولين وقتئذ لوجدنا فيها تشابها يصل إلى حد التطابق مع التصريحات المطروحة الآن، يزيد عليه ما كان يذكرونه عن إرسال حكومات الدول الأجنبية بعثات، حتى تستفيد من «حكمة» التجربة المصرية فى تطبيق الخصخصة، ولم يكن وقتها يمر يوم دون أن يكون هناك خبر بذلك. الوجوه فقط هى التى تغيرت على المسرح، فبدلا من
عاطف عبيد فى الخصخصة، لدينا الآن محمود محيى الدين فى «الصكوك».
كلاهما ينتمى إلى مدرسة «التبشير الاقتصادى»، التى تؤسس لخسائر فادحة فى كل شىء دون أن يكون هناك حساب من أحد، محيى الدين يعلن أن الصكوك نهاية لنظام الخصخصة، وحتى وقت قريب كان يؤكد أنه لا عودة عنها، فأى عبث هذا، وأى استخفاف بعقول الناس، وإذا كان ما مضى ثبت فشله، فمن المسئول؟
من الذى ربح منه سوى قلة فيها فاسدون، اشتروا بأثمان بخسة مشروعات صنعها الناس بالدم والعرق، وبكى عمالها يوم تركوها بمقايضة تصل إلى حد الجريمة اسمها المعاش المبكر، ومن الذى دفع الثمن سوى البسطاء والفقراء، وهم الذين وعدتهم الحكومة بأن الخصخصة تتم لأجلهم، وحين آن أوان المطالبة بتلبية الوعود، اكتشف هؤلاء البسطاء أنهم لم يكونوا سوى حقل لتجارب فاشلة. ليس فى الأمر تهليلا أيدلوجيا، فما ينفع الناس لم تعرفه حكومات الخصخصة بعد، والشاهد ما يحدث الآن من تهليل فى «سيرك الصكوك».
وعليه نقول ألا يستوجب الأمر صراحة وشجاعة من نوع آخر، تقدم فيها الحكومة كشفا لحساب حقيقى، تعلن فيه ضلال ما فعلته منفردة فى الماضى، والاستغناء صراحة عن كل من تسبب فى هذا الضلال؟!.
استفتوا الشعب مرة واحدة وبصدق فيما يخصهم، ولا تكتفوا بما قاله محيى الدين من أنه سأل الناس فى كفر شكر عن الصكوك فوجد ترحيبا.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة