الأصوات تعتمد اعتماداً كاملاً على الميكروفون، ولهذا فهى تتميز بالضعف والعجز عن أداء أى جملة مركبة ما الذى لا يعجبنا فى الأغنية المصرية والعربية الآن؟ و ما هى مظاهر الضعف التى تعانى منها هذه الأغنية؟ وهل توجد استثناءات، أم أن الضعف شامل ،ولم يعد هناك ما يمكن أن تستمع إليه؟
إذا نظرنا إلى العناصر التى تتألف منها الأعنية بشكل عام، وهى الكلمات، والألحان، والأداء، فسوف نجد أن الكلمات أصبحت فقيرة للغاية، ليس فقط بسبب غياب القصيدة الفصيحة، بل حتى الكلمات المكتوبة بالعامية، ولو قارنا بين ما كان يكتبه بيرم، أو رامى أو حسين السيد أو صلاح جاهين، وما يكتب الآن لظهر الفرق.
والذى نلاحظه فى الكلمات نلاحظه فى الألحان، اللحن جملة فقيرة تتردد من أول الأغنية إلى آخرها، وهو يعتمد اعتماداً أساسيا على الإيقاع الشعبى الراقص، أو على الأصح الإيقاع البلدى، وهذا أسوأ ما أخذته الأغنية المعاصرة من الأغانى الشعبية.
ومع فقر الجمل اللحنية، فهى خالية من أى تنويع أو تلوين، لأنها عبارة عن أنغام متقاربة، ليس فيها أى خيال أو قفزات بنائية، وهى مع كل هذا لا تقدم من خلال آلات التخت أو الأوركسترا، ولكن تقدم من خلال آلات الإيقاع وبالذات الطبلة، بالإضافة إلى بعض الأجهزة التى تحتوى على حلول موسيقية جاهزة مبرمجة.
فإذا انتقلنا إلى الأداء فسوف نجد أن الأصوات تعتمد اعتماداً كاملاً على الميكروفون، ولهذا فهى تتميز بالضعف والعجز عن أداء أى جملة مركبة. ولأن الأغنية فقدت حدودها وشروطها، ولم تعد مرتبطة بأى شكل أو نمط غنائى، فكل شىء فيها أصبح مباحاً، وبالتالى لم يعد المغنى محتاجاً لأى دراسة أو تدريب، لأنه يرفض الرجوع لأى شرط أو أى ذوق، وبهذا اجتمع الضعف وقلة الخبرة للأصوات الجديدة، التى نجد فيها بعض المواهب، لكن هذه المواهب تضيع وسط هذا الزحام وهذا الضجيج.
ومن المؤسف أن أجهزة الإعلام لم تعد تراعى الآن أى شروط، ولم تعد تمثل أى رقابة فنية، بل أصبحت تعطى الفرص الواسعة لهذه الأصوات وتفرضها فرضاً على الجمهور. كما أن الصحافة الفنية لا تقوم بواجبها، وبعض المشتغلين بالكتابة يغمضون عيونهم عن هذا المستوى الهابط. ولا ننسى أيضاً مسئولية المعاهد الموسيقية التى لا تقوم بواجبها فى تخريج مواهب مثقفة فى مجال الإبداع، أو فى مجال النقد.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة