المهندس أحمد عز أمين تنظيم الحزب الوطنى مولع بالأرقام، ويتعامل معها بوصفها سده المنيع فى الدفاع عن اتهامه باحتكار الحديد مثلا. والأرقام لغة صماء موجودة فى عرض الطريق وطوله، يستخدمها من يشاء لتعميق حججه وتلوينها كما فعل عز فى المؤتمر السنوى الخامس للحزب الوطنى.
قال عز أمام المؤتمر إن ممثلى الحزب فى المجالس المحلية 51 ألف عضو، و333 نائبا فى البرلمان، و244 نائبا فى الشورى، و2600 وحدة حزبية، واستخدم أرقامه لمعايرة أحزاب المعارضة التى وصفها بأنها تغطى عجزها وفشلها وإخفاقها وبعدها عن الشارع بإطلاق الاتهامات لقيادات «الوطنى».
صدق عز فى وصف حال المعارضة، لكن من السهل هى الأخرى أن تعايره بأرقامه وتعتبرها دليلا على ضعف حزبه، فنصر الوطنى «المظفر» فى المحليات لم يكن نتيجة انتخابات حقيقية، وإنما كان «حوارا» بين الأمن وأجهزة الدولة لتطفيش مرشحى المعارضة والمستقلين المنافسين للوطنى، وانتهى «الحوار» بحصول «الوطنى» على 51 ألف مقعد.
والحصول على هذه النسبة وبهذه الوسيلة أمر لا يستحق الافتخار الذى يصل إلى حد الغرور، فالبلد الذى يتعامل فيه الحزب الحاكم بوصفه الصوت الوحيد، لا يجوز فيه أن يتشدق هذا الحزب بالديمقراطية، ولا يجوز أن يستخدم الأرقام فى غير موضعها، وما حدث فى المحليات هو نفس ما حدث فى الشورى، ونفس ما حدث فى الانتخابات البرلمانية التى أجريت مؤخرا فى الدوائر التى كانت مجمدة، فالكل جاء من منبع واحد بأساليب واحدة، وتصميم مسبق على ألا يشارك أحد فى أكل الكعكة.
وحدث كل ذلك كبروفة كاملة للانتخابات البرلمانية المقبلة، التى سيتم تفصيلها على مقاس «الوطنى»، ومنح المعارضة بعض المقاعد لزوم «الديكور الديمقراطى»، ولزوم تهيئة الأرض للانتخابات الرئاسية المقبلة، التى تذهب كل المؤشرات إلى أن جمال مبارك سيكون طرفها الرئيسى، ويعزز هذا الاتجاه وصف عز لجمال بـ«صاحب ثورة التطوير فى الحزب»، ووصفه من عضو حزبى آخر بأنه «يجمع مزايا عبدالناصر والسادات ومبارك». السيناريو يسير، وعلى الرافضين دراسة كيفية مواجهة الأمر الذى سيتم بغلاف ديمقراطى، وبلغة مثل الأرقام التى يفتخر بها أحمد عز.