خالد صلاح

صفوت الشريف وأنا

الجمعة، 07 نوفمبر 2008 06:05 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
هذه الصحيفة ليست صحيفة حكومية، ولن تكون، وهذه الصحيفة ليست صحيفة معارضة، ولن تكون أيضا اسمح لى أن أبوح لك بما جرى، صباح صدور العدد الثانى من« اليوم السابع»، يوم الثلاثاء الماضى:

كانت المكالمة الهاتفية الأولى هذا الصباح من السيد صفوت الشريف رئيس مجلس الشورى، ورئيس المجلس الأعلى للصحافة، الرجل أعرب من جهة عن تهنئته بالإصدار الجديد، لكنه لم يستطع إخفاء بعض التعقيبات حول الموقف السياسى للصحيفة، وبلباقة سياسى محترف، بدأ فى طرح عدد من الاستفسارات حول الخط السياسى للصحيفة بعد أن لاحظ لغة نقدية لافتة.

وقبل أن أجيب بادر إلى سؤال آخر، وكأنه خشى من أن أسىء فهمه، فقال: لا شأن لنا كما تعلم بتوجهات الصحيفة، ولكن من الأهمية فهم اختيارات السياسة التحريرية، فهناك من يبادر إلى الدخول على خط المعارضة بلا حسابات وبلا معلومات وبلا غاية ومن حق القارئ أن يعرف موقفكم بين الاستقلال والمعارضة، فإلى أى طريق تسير؟ وهل الصحافة المستقلة تعنى أن تبدأ هجوما من هذا النوع وفى اتجاهات سياسية وأقتصادية متعددة؟

فى المقابل، لم أكن أرى من جانبى أن ما جرى من نقد، يضع الصحيفة فى معسكر المعارضة ضد الحكومة، فالفرق هائل من وجهة نظرى بين صحافة المعارضة، التى تتبنى خطا سياسيا ثابتا فى مواجهة السلطة، لتصب فى النهاية لصالح حزب سياسى، أو تيار فكرى ناشط فى الصراع على الحكم، وبين الصحافة المستقلة، التى تتعامل مع كل القضايا بانحياز واحد فقط هو (مصلحة الناس والمجتمع)، أو بوضوح أكثر حسب شعار هذه الصحيفة وأهدافها العامة ( لبلدنا والناس والحرية).

قلت للسيد صفوت الشريف، وأقول لكم كذلك: هذه الصحيفة لا تبتغى تغيير نظام سياسى لصالح نظام آخر، فهذا ليس من عملها ولا من دورها، وهذه الصحيفة لا تبتغى انتصار حزب على حزب آخر، فهذا ليس من مهامها ولا من شأنها، وهذه الصحيفة لا يعنيها من هو شخص رئيس الوزراء، أو وزير الداخلية، أو وزير الاقتصاد، أو من هو المرشد العام للإخوان المسلمين، أو زعيم حزب التجمع، فهذا ليس من رسالتها ولا من غاياتها، لكن الرسالة الأولى والغاية الوحيدة، هى الاشتباك الحى مع القضايا اليومية للناس، بالمعلومات والتحليل والتفسير، سواء فى العدد الأسبوعى، هذا الذى بين يديك، أو على الموقع الإلكترونى اليومى للصحيفة، والذى يقدم باقة إخبارية لحظة بلحظة لكل ما يدور فى مصر، فهذه الصحيفة ليست صحيفة حكومية، ولن تكون، وهذه الصحيفة ليست صحيفة معارضة، ولن تكون أيضا.

هذه الصحيفة ليست سوى محاولة جديدة لبناء جسر من التواصل، وخطوة مهنية نتمنى لها أن تؤسس لمناخ من الحوار الجاد مع كل قضايانا، برؤية وطنية مستقلة، وليست سوى محاولة لبناء مظلة معلوماتية وتحليلية، تساهم فى بناء الدولة المدنية، وتشارك ولو بقدر يسير فى تأكيد احترام القانون، القانون الذى يسرى على رقاب الجميع، لا رقاب الصغار وحدهم، أو الفقراء وحدهم، أو المهمشين وحدهم، أو المبعدين عن دوائر صنع القرار وحدهم.
قانون يعلو ولا يُعلى عليه، أيا كانت تلك القامات الخاضعة لسلطانه، وبدون هذا الأساس القانونى للدولة المدنية، وبدون هذه الاستقلالية فى المعالجة الصحفية، فإنه لا أمل للاستقرار ولا ملامح للنهضة.

يقينى أن السيد صفوت الشريف، يؤمن أيضا بدولة القانون، ويقينى أنه إن تحسب أو حذر من أن تتحول هذه الصحيفة إلى معسكر المعارضة، فإنه لن يفيده، أو يفيد الحكومة، أو يفيد الحزب شيئا من أن تتحول، بنفس الطريقة، إلى معسكر الموالاة، على العكس من ذلك، فإن الاستقلالية والحرية تخدمنا جميعا، نحن والناس والحكومة والمعارضة معا.

الاستقلالية فى ضميرى، هى الحرص على عمل صحفى قائم على المعلومات، وعدم التخلى عن الروح النقدية البناءة، ليس أملا فى تغيير شخص أو عدة أشخاص، وليس سعيا لمعارضة جماعة أو حزب أو تيار، بل أمل فى إصلاح سياسات، قد نظن أن بعضها صواب وبعضها خطأ، أو قد نعتقد أن بعضها لصالح الناس، وبعضها الآخر لا يعرف للناس سبيلا.
أعترف لك بأهم نصيحة للسيد صفوت الشريف فى هذا الحوار، قال: إن كنت صادقا فى هذا التوجه، فاعلم أن تجريح الأشخاص بقسوة لا يخدم مصلحة مصر، والنقد الذى يصل إلى حد الإهانة الأخلاقية لا يخدم حتى أهدافك أنت من عمل مهنى محترم.

وأعترف لك أننى وافقت السيد صفوت الشريف على هذه النصيحة، ووافقنى عليها أيضا كل أعضاء مجلس التحرير، نحن نؤمن بها على هذا النحو، ونصدقها من قلوبنا، إذن لنا كل الحرية فى النقد الجاد، ولن نتجاوز نحو إهانات شخصية، لا تسمن أو تغنى من جوع، أعتقد أن هذا اتفاق عادل.
اتفقنا؟!
على بركة الله.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة