أثق بأن أغلب الوسط الصحفى قضى إجازة عيد الأضحى, وهو مشغول يترقب بحذر ما ستسفر عنه قضية التغييرات الصحفية،أغلب الصحفيين يعلمون أن الجهة الوحيدة التى تملك الحق فى إبعاد أو تعيين القيادات الصحفية هم مسئولو قطاع الصحافة فى جهاز مباحث أمن الدولة، فهى الجهة التى تقترح الأسماء الجديدة، وتقدمها للرئيس مبارك ونجله جمال باعتباره أمين السياسات فى الحزب الوطنى، ثم يلتقطها ويعلنها صفوت الشريف بصفته رئيس مجلس الشورى المالك الحقيقى للصحف القومية. هذه حقيقة لا ينكرها إلا غبى ولا يراوغ منها إلا مخادع..
لذلك فقد انفرد موقع صحفى على شبكة الإنترنت بنشر تقرير مغلوط حول استقبال الرئيس مبارك لعدد من رؤساء تحرير الصحف القومية فى مقر رئاسة الجمهورية قبيل زيارته الأخيرة للهند .. التقرير شغل العديد من الصحفيين والمهتمين بقضية التغييرات الصحفية, التى حدد موعدها صفوت الشريف, بأنه سيكون عقب إجازة عيد الأضحى المبارك.
فى هذا الإطار تلقيت اتصالات عديدة من زملاء ومسئولين حول ما كتبته فى مقالات سابقة بخصوص الأوضاع فى المؤسسات التى أطلقت عليها مصطلح "غير القومية" اختار لكم اتصالاً هاماً تلقيته من مسئول معنى بقضية الصحافة والصحفيين تناقشنا فى الدور المنوط بهذا القطاع فى الفترة القادمة، تطرق إلى العبء المالى والإدارى الذى تشكله أغلب هذه المؤسسات على الحكومة لدرجة وصلت إلى حد التزام بعض الجهات بتدبير رواتب العاملين فى بعض هذه المؤسسات نهاية كل شهر. المسئول اعترف بأن استمرار الوضع القائم فى الصحف القومية غير طبيعى ولا يمكن التمسك به إلى الأبد, لأن أجهزة الدولة لم تعد قادرة على تحمل تبعاته, كما أنها وهى تتجه نحو التوسع فى برنامج الإصلاح السياسى ملتزمة بمزيد من تحرير وسائل الإعلام والتخفيف من التدخل الحكومى فى شئونها.
انتهزت الفرصة لتوثيق المعلومات التى تضمنها التقرير المنشور على الموقع الإلكترونى حول اجتماع الرئيس مع بعض رؤساء التحرير الذين سيتم التجديد لهم.
أوضح المسئول الذى طلب عدم ذكر اسمه بأن اللقاء بالفعل تم فى مقر رئاسة الجمهورية قبل سفر الرئيس مبارك للهند مباشرة, لكن ليس له علاقة بالتغييرات الصحفية من قريب أو من بعيد, بل كان اجتماعاً حزبياً رأسه جمال مبارك أمين السياسات بالحزب الوطنى، وكان الهدف منه مناقشة الخطة الإعلامية للحزب الخاصة بضمان عملية ترويج ناجحة لبرنامج الحزب الخاص بتوسيع الملكية الشعبية وتفنيد دعاوى المعارضين للمشروع.
الاجتماع الحزبى الذى حضره وزير الإعلام أنس الفقى وغاب عنه أسامة سرايا, بينما شارك فيه منافسون له على منصب الأهرام، جعل الشائعات تملأ الوسط الصحفى, بأنه سيتم استبداله بمن ينامون على عتبة أمانة السياسات. الحقيقة التى عرفتها أن غياب سريا عن الاجتماع الحزبى لم يكن تمهيداً لاستبعاده من الأهرام, لأنه ببساطة لم يكن موجوداً فى مصر حيث كان فى الهند لإجراء لقاءات صحفية اعتاد الأهرام إجراؤها مع السياسيين والقادة الذين سيلتقى بهم الرئيس فى الخارج.
يبدوا أن ملامح دمج بعض المؤسسات الصحفية دخل حيز التنفيذ بالفعل، وجارى وضع لمساته الأخيرة, حيث تنضم الأخبار إلى شقيقاتها الجمهورية والأهرام بأن يكون لها جريدة مسائية هى الأخرى, كما أن هذه الخطة ربما تتسبب فى اختفاء العديد من الصحف والمجلات التى مازالت تصدر منذ سنوات دون أن يدرى بها أحد .. مشكلة هذه المجلات أن محرريها والعاملين بها أصبحوا مثل خيل الحكومة, الكل يتنصل منهم وغير مرغوب فيهم من المؤسسات الكبرى.
الذى خرجت به من المكالمة التليفونية مع هذا المسئول أنه لا أحد يعرف بالتحديد ما هى صورة التغييرات الصحفية المرتقبة؟، فى نفس الوقت تدرس الحكومة وسائل أخرى لتقوية بعض المؤسسات التابعة لها ليس بالكم، لكن بالكيف بحيث تستطيع توصيل رسالتها للرأى العام بسهولة عبر صحف قوية تتمتع بثقة المواطنين وتحظى بقدر عالٍ من المصداقية والمهنية، كما فهمت أن الحكومة مازالت لا تثق بشكل كامل فى الصحف الخاصة وتنظر للتجربة بعين الشك والريبة وتعتبرها أقرب إلى المعارضة منها إلى الاستقلال, مما يدفع فى اتجاه التمسك بأكبر عدد ممكن من الصحف لضمان الإغراق وعدم ترك أى فراغ يمكن أن تملؤه الصحف الخاصة.
عموما سوف تشهد الأيام القادمة تحولات تدريجية فى رؤية الحكومة لامتلاك الصحف, لكن كما نعلم جميعاً أن يوم الحكومة بسنة, وبالتالى فإن المشوار مازال طويلاً حتى يتحقق للصحافة المصرية استقلالها ويكتب الصحفى بحرية.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة