مدحت قلادة

الحذاء الطائر والملوك والرؤساء بالشرق

الخميس، 18 ديسمبر 2008 12:02 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
على قلب رجلِ واحد فى سابقة تعد الأولى من نوعها، اجتمع الرؤساء والملوك العرب بشكل سرى ومغلق لدراسة ظاهرة جديدة تسمى "الحذاء الطائر"، وكعادة العرب اتخذوا اسما للمؤتمر مغايراً لحقيقة اجتماعهم السرى فقد أسموه ظاهرياً "بحث القضية الفلسطينية والمصير المشترك" للتمويه عن السبب الحقيقى وهو دراسة ظاهرة "الأحذية الطائرة" وعما إذا كانت معدية أم لا.. وإمكانيات تكرارها وتأثيرها على مستقبل الرؤساء والشعوب!.

وبالطبع طُلِبَ قبل المؤتمر من كل وزير خارجية، عمل ملف خاص عن مقاس قدم منتصر الزيدى ونوع النعل ومواصفات الحذاء فى دولهم ودول الجوار... إلخ، وافتتح المؤتمر أكبر الرؤساء حكماً، وبدأت الجلسة بنوع من الود وتحدث الرئيس المعمَّر "أكبر الرؤساء حكماً"!!
أحييكم تحية أخوية خالصة..

أحييكم وأنتم فى بلدكم الثانى، ويجب علينا أن نسمو فوق مشاكلنا المزمنة لأننا نواجه مصيرا مشتركا ربما يطيح بنا جميعاً، فظاهرة "الحذاء الطائر" من الممكن أن تؤدى برؤوسنا جميعاً، وننل ما ناله الرئيس صدام بعد سقوط حكمه ونحن فى سدرة الحكم.. رفعت الجلسة.
بعد مقدمة الرئيس المعمَّر بدأت الجلسة الودية بالمشاورات للخروج بتوصيات سرية وتوصيات علنية للشعوب المقهورة، وإليك بعض تلك المشاورات.

رئيس: هل يستحق بوش الضرب بالحذاء حقاً؟!! وهل من عاداتنا نحن العرب الضرب بالحذاء؟!!
ملك: نعم يستحق هذا الملعون الضرب بالحذاء، فقد دمَّر العراق وقتل مئات الآلاف من العراقيين الأبرياء.
رئيس آخر: أى نعم لقد قتل الأخوة بعضهم البعض فصراع الزرقاوى السنى.. والزرقاوى الشيعى، كان السبب فيه هو الأمريكان الكفرة الملحدون، ولكن السؤال هنا.. هل من عاداتنا الضرب بالأحذية؟!! والإجابة هى أنه بكل أسف! ليست هذه شيمة من شيم العرب، فشيم العرب الضرب بالسيف فقط...

قال الشاعر "السيف بتاراً إذا بتر" وظاهرة ارتداء الأحذية لدى العرب بدأت فى وقت متأخر مع دخول الاستعمار الأوروبى للمنطقة.
هنا تدخل أحد الرؤساء فى الحديث متسائلاً!!.. هل يأتى اليوم ننال فيه نفس الجزاء من شعوبنا؟
ملك: لا بالطبع لا.. نحن أشرف من أن نٌهان من شعوبنا لعدة أسباب هامة...
شعوبنا مدجنة دينياً.. "أطيعوا الله ورسوله وأولوا الأمر منكم"، فنحن أولوا الأمر.
شعوبنا مقهورة أمنياً.. فلدينا ما يكفى من الأجهزة الأمنية بقدر مخبرين لكل مواطن، ومن اليوم سنوجد عشرة مخبرين لكل مواطن.
شعوبنا مقهورة اقتصادياً.. فالمواطن يعمل لدينا ما لايقل عن ثمانية عشرة ساعة يومياً لتوفير العيش الحاف الجاف...
شعوبنا مقهورة اجتماعياً.. فالمواطن لديه كم من المشاكل الاجتماعية تعجز الجبال عن حملها كمثل تربية الأبناء، والنقل، والمواصلات، والتغذية... إلخ.
هنا تدخل أحد الملوك: ولكن المواطن لدينا لا يعانى من مشاكل اقتصادية أو اجتماعية... إلخ
إذن! فلم ننال نفس المصير؟ "الضرب بالحذاء الطائر"!!.
تدخل ملك آخر: أعمل لك زى عادل إمام فى مدرسة المشاغبين!! إنت ملك أونطة بقى، ده اللى يفكر نجيبه ونجيب أهله ونجيب جيرانه وندوبهم أمام أعيننا.

تدخل رئيس آخر فى الحديث: إن ظاهرة الأحذية الطائرة لم ولن تصيبنا وأعطيكم مثالاً حياً ففى بلدى تفشَّت الرشوة والمحسوبية والعنصرية واضطهاد الأقليات وتم حرمانهم من العيش الكريم، كما أن الأجهزة الأمنية لها السيادة والريادة فى مسح كرامة المواطن حتى الاعتداء عليه جنسياً وعلى ذويه أيضاً، ولا توجد فئة من فئات الشعب إلا ونالت ذلك الجزاء "العادل" من الأجهزة القمعية، ولنا الفخر بأن آلاف المواطنين يلقون حتفهم فى كوارث طبيعية، وتمتهن آدميتهم، كما يحيا أكثر من ستين بالمائة منهم تحت خط الفقر فى مأساة إنسانية عظمى، وبرغم ذلك كله لن تصل إلينا ظاهرة "الحذاء الطائر" لأننا نسَّخر عجلة إعلامية 24 ساعة يومياً "ليس فى الإمكان أبدع مما كان" والمخالفون هم خونة ومرتزقة ومأجورين...

أخيراً بعد عدد من جلسات النقاش، خرج المؤتمر بالتقرير السرى الآتى "نحن رؤساء وملوك المنطقة وجب علينا قهر شعوبنا، وعدم التمسك ببدع أهل الغرب من حرية التعبير، والاعتقاد، والديمقراطية، لتجنب هذه الظاهرة.. ويجب علينا زيادة الجرعات الدينية لتسكين الشعوب، ويجب التنسيق التام بين جميع الأجهزة الأمنية، والمخابراتية لحماية ممتلكاتنا". أما التقرير العلنى فقد جاء على ذاك النحو: "فى سابقة هى الأولى من نوعها اجتمعنا نحن الرؤساء والملوك العرب، وقررنا تحرير فلسطين بكافة الوسائل والطرق السلمية والإسلامية، ولا سلام عادل شامل إلا بتحرير فلسطين المحتلة". هذا جزء بسيط مما دار فى المؤتمر... تٌرى من يستحق الحذاء الطائر؟ الرؤساء أم الشعوب؟!! .








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة