جمال الشناوى

وهم الزمن الجميل

الخميس، 18 ديسمبر 2008 06:27 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فين أيام الزمن الجميل.. العبارة التى تحولت إلى سجن كبير عشت فيه لسنوات طويلة.. أندم وألعن حظى العاثر الذى جاء بى فى هذه الأيام.. ولم أكن بين أفندية الزمن الجميل، الذى دارت آلته ببطء وحنية.. على أنغام موسيقى ساعة العصارى، ورقصات ساعة المسا حيث الهزار والفرفشة.

تحررت من سجنى فقط فى عيد الفطر ليس بسبب إفراج الداخلية، لكنه طفل صغير لم يتعد السنوات الخمس.. وجه لى سؤالا لم أستطع الإجابة عليه.. قال بابا إيه عكس كلمة «بطانية»، وقبل أن أتقمص دور الأب الوقور وأنهره.. جاءت إجابته العفوية «بطا مستوية» استدرت إلى جيل وزارة نظيف الإلكترونية.. بينما الطفل يواصل إطلاق الأسئلة والفوازير.. وبعد وصولى المنزل طلبت من ابنى إحضار كل كتب الـK.G 2 ورحت أقلب الصفحات.. لأفهم مصدر النكات والفوازير التى يرددها طفلى منها ما يطال بوش.. سألت عن مصدر ما يقوله الأطفال فوجدت إدراكا ووعيا يعادل طالب ثانوى من أيام الزمن الجميل.. الشىء الوحيد المخيف هو المستقبل.

مشهد آخر جعلنى أحطم أسوار وهم الزمن الجميل.. بدأ برفض ابنة زميل لنا أنهت دراستها الجامعية قبل عام واحد، لفرصة عمل براتب شهرى خمسة آلاف جنيه.. وقالت لمدير العمل المرتب قليل وعندى «أوفر» أحسن.

الحياة السريعة التى نعيشها والزحام الشديد الذى يحاصرنا وتراجع الأخلاق فقط هو الشىء المزعج فى زمننا.. ولكن فى السياسة كانت الحياة خانقة لا تستطيع التعبير عن رأيك فى أى شىء بعد تنازلك عن مجرد رأيك.. أما الآن فتجد أن شابا صغيرا يذهب إلى الإنترنت ليصنع لنفسه مدونة تكفيه لقول رأيه.. بصراحة ربما تكون جارحة.. فى الرياضة أيضا كنت أتوهم أن لاعبى ما يعرف بالزمن الجميل لا يصلحون حتى كمتفرجين الآن فى صناعة مثل كرة القدم.. السينما أيضا فقط تحرك ذكريات الكبار الذين يهيمنون على مقدرات حياتنا.. فيصرون على إجبارنا على المشاهدة التى تكون غالبا خالية من الإبهار والجاذبية، فى الصحة أيضا كان التخلف هو السائد وحلاق القرية كان طبيبها لا ينقصه سوى إجراء الجراحات الكبرى.

ارحمونا من سجن النفس.. فزماننا أرحم كثيرا رغم زحام المرور والبطالة والفساد.. فكلها قابل للحل.. أما دعاة الزمن الجميل فهم يكرهون لنا الاستمتاع بأيامنا، أو توهم المتعة.. هو عجز المسنين الذين يحرقون أجيالنا، جيلا بعد جيل.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة