مدحت قلادة

"إسلام" الذى أدمى قلبى

السبت، 20 ديسمبر 2008 06:12 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
"اكتئاب شعب"، انطبق هذا القول على الشعب المصرى، فالكل يقع تحت نير مظالم إنسانية واجتماعية واقتصادية ودينية أيضاً، فتراكم المشاكل اليومية أعطى الجميع شعوراً باللامبالاة، والشعار المتخذ اليوم من الناضج والصغير هو: "ياما دقت على الراس طبول" "الجتة نحست"، ولكن هناك حادثة ستظل عالقة فى أذهان كل من ينتمون للإنسانية الحقيقية وليست المزيفة: هى موت سائق التوك توك إسلام قنديل ابن الإسكندرية، فقد تأثرت بمدى الظلم وفداحة الاستهتار بالنفس البشرية ولم تبرح صورة إسلام خيالى طوال تلك الأيام، وأتصور داخلى سيناريو ربما يكون حقيقياً أو خيالياً، ولكنه بالفعل إنسانى...
إنسان يصرف على عائلته المكونة من أبيه المسن وأمه المريضة وثلاثة إخوة يكافحون من أجل لقمة العيش وسط الغلاء والبطالة والفساد.
إسلام يبدأ يومه: يا فتاح يا عليم يا رزاق يا كريم.

الضابط: أين الرخص هات التوك توك..
إسلام: يا بيه دا أنا غلبان بأسعى من أجل إطعام أمى المريضة وأبى المسن ليس لى طموح سوى العيش الحاف لأهلى، يا بيه سيبنى الله يخليك أو ساعدنى لأشق طريقى القانونى.. يا بيه دا أنا شاب مش طمعان فى شقة أو عروسة بل كل أملى هو العيش الحاف لى ولأسرتى.
الضابط: هو أنا بروح ... وصلة ردح طبقاً لعرف الشرطة فى خدمة الشعب، هو حد قال لك إحنا وزارة خدمة اجتماعية إحنا الضباط وبس، وأمر الأمناء بوضع التوك توك فى السيارة.
إسلام: يا بيه الله يخليك أبوس رجلك سيبنى المرة دى عشان خاطر النبى.
الضابط: ياللا يا ابن... ما تبوسش على رجلى جزمتى تتوسخ!!
إسلام يقبل حذاء الضابط ليلين قلبه: يا باشا إن أخذت التوك توك أهلى ها يموتوا من الجوع أمى المريضة مش ها تلاقى دواء أبى المسن هايموت جوعاً.. يا باشا أهلى ها يتحرموا من العيش الحاف يبقى موتى أفضل من حياتى الله يخليك سيبنى...
الضابط: يا ريتك تموت نفسك إنت وأمثالك.. وتريحونا منكم ومن قرفكم.
إسلام: يا باشا لو أخذت التوك توك هاولع فى نفسى لأن موتى أفضل من حياتى عاطلاً عالة على المجتمع.
الضابط: وأنا معى الولاعة وهاديها لك ببلاش...
إسلام يسكب البنزين على جسده الضعيف.
الضابط يخرج الولاعة ليحترق جسد المواطن البسيط إسلام قنديل، وتصل النار إلى التوك توك، وبهذا كتب على إسلام نهاية حياته مع التوك توك سوياً. ويحاول الضابط إبعاد إسلام عنه خوفاً من احتراقه شخصياً.

المجتمع: "ياما دقت على الراس طبول" مصيبة إسلام قنديل، ومصائب أهل الدويقة ومصائب الأتوبيسات اللى بتغرق.. مصايب كثيرة، فكثيرون يموتون، يضطهدون، يقتلون، يسرقون... إلخ.

أصبح الكل متفرجاً شاهداً فقط.. ضاعت النخوة والحب والتآلف الاجتماعى بين المصريين.
وفسدت بوصلة مشاعر الحب لدى المصريين بدلاً من حب بعضنا بعض أصبح شعار القوة الثانية فى السياسة المصرية!! طظ فى مصر وأبو مصر واللى جابوا مصر، وأصبح ولاء العديد منهم لتركى أو ماليزى، وزمان قيل اللى يحتاجه البيت يحرم على الجامع أو الكنيسة، الآن يوجد من يقول اللى تحتاجه ماليزيا أو تركيا يحرم على أهل الدويقة وإسلام قنديل!! فقد أصبح التدين شكلياً مظهرياً فقط، ليس الجار أولى بالشفعة بل أنا ومن بعدى الطوفان...
ضاع الأمن والأمان والمشاعر الدافئة خربت الذمم وتوحش رجال الأمن ...
شاع التطرف فى جميع مناحى الحياة فى مصر...
أعترف أنا شخصياً بأننى مقصر فى حق إسلام قنديل، لذا أقترح على اليوم السابع عمل صندوق تبرع خاص باسم إسلام قنديل إن كان إسلام احترق بنيران البنزين وولاعة رجل الشرطة الذى اعتبر نفسه إلهاً على الأرض، فيجب علينا نحن البشر إنقاذ عائلته من الاحتراق بنار الجوع والفقر والمرض.

وعلى تلك العائلة أن تعلم وبشكل عملى أنه وإن مات فهناك آلاف المصريين الشرفاء سيعولون هذه العائلة المنكوبة، ليعود الحب والصفاء بين المصريين بعضهم البعض ويصبح انتماؤنا لمصر أولاً!!

طبقاً للمثل المصرى "اللى مالوش خير فى أهله مالوش خير فى أهل غزة".
وهنا أتذكر كلمة قيلت عن عقاب الله للبشر "يجرح ويعصب، يسحق ويداه تشفيان"، أما البشر فهم يحرقون ولا يداوون ويسحقون ولا يرحمون.
ما أعظم ظلم الإنسان لأخيه الإنسان، لذا قيل فى كتابنا المقدس على لسان داود النبى "دعنى أسقط تحت يد الله لأن مراحم الله واسعة ولا أقع تحت يد إنسان".
أخيراً ..ترى من المسئول عن توحش بعض المصريين؟!!









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة