د. محمد مورو

ليس بوش بل أمريكا

الجمعة، 26 ديسمبر 2008 01:06 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
الحادث الجميل الذى قام به الصحفى العراقى منتظر الزيدى، مراسل قناة البغدادية ضد الرئيس الأمريكى جورج بوش حين قذفه بفردتى حذائه، من ثم دخل التاريخ كرمز عربى عبر عن غضب الملايين من العراقيين ومن العرب ومن المسلمين، بل من كل المستضعفين فى العالم، الذين يعانون من ممارسات أمريكا عموماً وجورج بوش خصوصاً، هذا الحادث يجب أن يحدث الأثر النفسى والمعنوى فى نفوس كل الأحرار والشرفاء، ومن ثم فإن الاهتمام الصحيح فى هذه اللحظة هو منع تطويق الحادث أو تفسيره على غير الوجه الصحيح له، وهل هذا الأثر قد بدأ بالفعل، فعدد من الصحف والقنوات الفضائية ومواقع الإنترنت تحدثت عن الجرائم الأمريكية فى العراق كمبرر للحدث، وهذا صحيح ولكنها أضافت أنها جرائم جورج بوش، كأن جورج بوش وإدارته شخصيات مقطوعة الصلة بالمؤسسة الأمريكية أو نشاز عليها، ووصل الأمر إلى حد تقديم جورج بوش بأنه التلميذ البليد والابن العاق والشاب المستهتر الذى يجرى وراء المحرمات ويأكل بشراهة ولا يفيق من السكر، بل إن الصحف الأمريكية ذاتها- وجارتها بعض الصحف والقنوات العربية- اعتبرت قذف جورج بوش بالحذاء تجسيدا للاستياء والغضب من سياساته فى العراق، فإذا حدث أن قام رئيس أمريكى جديد أوباما مثلاً بتغيير تلك السياسات فلا بأس، ومن ثم التقديم لأمريكا مختلفة وكان هذا جزءاً من سماح المؤسسة الأمريكية لباراك أوباما بالفوز بالرئاسة بل دعمه إلى حد كبير فى هذا الصدد، ليقدم أمريكا ليست معادية للمسلمين، وهو ينوى إطلاق خطاب له من تركيا لتحقيق هذا الهدف، وبديهى أن ذلك نوع من الخداع والاستخفاف بالعقول، فجورج بوش أولاً رئيس منتخب، وإذا كان قد قتل مئات الآلاف من العراقيين ودخل حربا بلا مبرر باعتراف الجميع، فإن الجزء الأكبر من تلك الجرائم كانت فى فترة رئاسته الأولى، مع ذلك تمت إعادة انتخابه رئيسا لأمريكا فى عام 2004 أى بعد عام كامل من غزو العراق وارتكاب الجرائم فيها، ومن ثم فإن المسئولية هى مسئولية أمريكا بالكامل وليس جورج بوش وحده، ولو كانت مسئولية جورج مثلاً - وهذا كلام لا معنى له أصلاً - فلماذا لم تتم محاكمته داخل أمريكا، ولماذا لم يتم صدور قرار باعتقاله من المحكمة الجنائية الدولية على غرار الرئيس السودانى عمر البشير، فى كل الأحوال يجب أن نقول إن ضرب بوش بالحذاء تجسيد للاستياء والغضب من سياسة أمريكا وليس جورج بوش وحده، وأنها تعبير عن الاستياء والغضب من أجل العراق وفلسطين وأفغانستان بل الصومال وغيرها، بل هى صرخة أهل غزة ضد الحصار.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة