د. محمد مورو

إدمان الخصخصة

الجمعة، 05 ديسمبر 2008 05:32 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
هل تَحَوَّلَتْ عملية الخصخصة إلى نوع من الإدمان لدى حكومتنا الرشيدة؟ وإذا كان العالم كُلُّه الآن بات يعرف أنّ الطريق الرأسمالى ليس طريقًا صحيحًا تماما, ولجأ الكثير من الدول الرأسمالية إلى تَدَخُّلِ الدولة بطريقةٍ أو أخرى فى العملية الاقتصادية, بل اشترت دولةٌ مثل إنجلترا أصولًا رأسمالية فى بعض البنوك والشركات فى الأزمة الاقتصادية الأخيرة, مما يعنى أنّ الناس تَسِيرُ فى عَكْسِ اتجاه الخصخصة.. ومع ذلك فإنّ حكومتنا الرشيدة تُصِرُّ على بَيْعِ ما تَبَقَّى من أصولٍ مملوكةٍ للدولة إلى القطاع الخاص، وكأنها ذاهبة إلى الحج والناس راجعون!
وفى رأيى المتواضع، فإن ما قامت وتقوم به الحكومة، من خصخصةٍ، وبيعٍ للقطاع العام والمشروعات الكبرى والصغيرة المملوكة للدولة، هو نَوْعٌ من هدم أعمدة المجتمع, مما يُهَدِّدُ بانهيار البنيان الاجتماعى كله.  فحتى عتاة الرأسمالية باتوا يُدْرِكُون خطأ الطريق الرأسمالى, ومع ذلك تُصِرُّ الحكومة على خطتها، وتتحايل من أجل تنفيذها، بالقول بأنها سوف تُوَزِّعُ ثمن البيع على الشعب, أو على البالغين (فوق 21 سنة) من أبناء الشعب!
أى باستخدام الشعب هنا كَمُحَلَّل لعمليةٍ مُرِيبة وغَريبة، وغير منطقية بالمرة!!

 وإذا كانت العملية من الناحية السياسية والاجتماعية، بل الاقتصادية، غيرَ مجدية، وغيرَ صحيحة ، فإن أحدًا لا يستطيع تفسيرَ سلوك الحكومة, هل هى غنية إلى هذه الدرجة, أم أنها متآمِرَةٌ على الشعب؟! لا يمكن بالطبع قبول التفسيرين السابقين, ورُبَّما أنّ الحكومة أوقفت الخصخصة، وتحتاج لعلاج فى مصحة الإدمان! والمثير للغيظ فى الموضوع أنّ مروجى موضوع خصخصة ما تبَقَّى من مرافق ومشروعات، يقولون: إن ذلك من أجل العدل الاجتماعى وتوصيل حقوق الناس لهم, والاقتصاديون حسبوا المسألة بأن كل فرد سيحصل على حوالى 400 - 500 جنيه كمرة واحدة.  هل هذا هو حَقُّ كل مصرى فى أصول بلده؟!! وأين ذهبت أموال الأصول السابقة؟!

سوف نخدع أنفسنا، ونقتنع بأن الحكومة غير الكفء والفاشلة فى كل ذلك، سوف تنجح فى مَنْعِ وصول الأسهم إلى أيدٍ مُرِيبة, ومن ثَمَّ سوف نركز على فكرة تحقيق العدل المزعومة, فلو كان العدل وإصلاح أحوال الناس هو الهدف الحقيقى والمرجو من الخصخصة، لكان من باب أولى توزع ثروات المصريين عليهم بنوع من العدل.. نوزع ريع البنوك، وقناة السويس، والسياحة، والضرائب، وغيرها من الموارد السيادية,  فمن المعروف أن البعض يحصل رسميا على ملايين الجنيهات كأجر، عن طريق نسب معروفة فى الأرباح، أو المبيعات، أو مكافآت أو لجان, ويحصل البعض الآخر على مئات الآلاف.. فى حين يصل أجر البعض إلى أقل من 500 جنيه شهريا، ولو كان العدل هو الهدف, لتم وقف صرف مرتبات مهولة لأشخاص معينين، وإعادة هيكلة الأجور بما يلائم العدل، فإن كانت الموارد كافية اغتنى وشبع الجميع، وإن كانت غير كافية، اشترك الجميع فيما هو موجود بالعدل والقسطاس.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة