حازم منير

القيادة والحكم والليبرالية الغائبة

الأربعاء، 12 مارس 2008 10:58 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
الحزب الوطنى يجب أن يقود مصر، لأنه الوحيد المؤهل بين الأحزاب والقوى السياسية المدنية لإدارة شئون البلاد فى ظل الأوضاع الحالية. لكن الحزب الوطنى -وللأسف- مازال متمسكا بأن يحكم مصر لا أن يقودها وفقاً للمفاهيم الحديثة لإدارة شئون الدولة. والفارق كبير بين القيادة والحكم، فالأولى تتم بإرادة الناس واختيارهم الواعى المستقل.. أما الثانية فتتم بفرض الوجود على الناس بأساليب مختلفة. والقيادة تقتضى وجود قناعة بتداول الحكم والاستعداد للتنازل عنه إذا ما قرر الناخبون ذلك، أما الحكم فمعناه أننى موجود وبإرادة الناخب التى أقررها أنا. وتداول الحكم لا يتم بالشعارات أو القسم بأغلظ الأيمانات، وإنما بنصوص دستورية واضحة تتيح لمن ينال أغلبية أصوات الناخبين أن يحكم. لا نستطيع تجاهل مسئولية أحزاب المعارضة والقوى السياسية المدنية عن بقاء مفهوم الحكم لدى الحزب الوطنى واستمرار غياب معانى القيادة. فانشغال الأحزاب بخلافاتها وصراعاتها الداخلية ومنحها جل اهتمامها، وإصرارها على تجاهل مفاهيم التحديث، والاكتفاء من التطوير بشكلياته فقط، قلل من نفوذها ودورها وتأثيرها. وفى المقابل واقع مرير أتاح صعوداً للقوى الغيبية السلفية المتسترة باسم الدين، لتعمق من ثقافة استبعاد الآخر، بل ونفيه رغم الادعاء بعكس ذلك. وكان منطقيا أن ينعكس مجمل ظواهر الانقسام والخلاف من جانب، وثقافة الغيبيات من جانب آخر على المشهد العام، لينتج واقعاً غريباً عليك أن تقبل فيه إما حكم الحزب الوطنى أو حكم الإخوان المسلمين. وإذا كان البعض يتحدث عن الليبرالية بمعنى حق الناس فى الاختيار فقط، فإن هؤلاء واهمون، لأن الليبرالية تعنى، وبالأساس، فرصاً متساوية ومتكافئة، وليس مناخاً موجهاً . والفرص المتساوية تقتضى إطاراً قانونياً ومناخاً سياسياً مغايراً للحاصل الآن، المطلوب مناخ يتيح استعادة الأحزاب المدنية لدورها الفاعل فى المجتمع، ونشاطها الجماهيرى، ويحاصر النفوذ المستشرى للأفكار الغيبية الذى أنتج قوى رجعية معادية لليبرالية. فى الحزب الوطنى تيار تجديد اكتسب خبرة عميقة على مدار 6 سنوات وازداد عوده صلابة فى معارك جماهيرية وانتخابية، وتمرس واكتسب مهارات فى مواجهات حزبية داخلية سياسية وتنظيمية. لكن جزءاً من التراث السلبى للحزب مازال متوارثاً فى ثقافته يقاوم وبشدة ترسيخ ثقافة ليبرالية ديمقراطية حقيقية جديدة داخل الحزب تنعكس على أدائه، بعد أن انعكست ووضحت على خطابه وأدائه الحزبى. قبل الانتخابات البرلمانية الأخيرة قال قادة فى الحزب من الجيل الجديد، إنهم فى احتياج إلى أغلبية تمكنهم من الحكم دون السيطرة التى ظلت قائمة لسنوات طويلة، وهو ما حصل فعلاً، فبدا البرلمان فى صورة مغايرة لما كان عليه، وإن هى ليست الصورة المرجوة. الآن نحن مقبلون على انتخابات المحليات المؤجلة منذ عامين لتطوير القانون، وهى الخطوة الغائبة والناقصة حتى الآن، وستجرى الانتخابات فى ذات الأجواء التى أنتجت صورة البرلمان الحالى. لذلك فإن الآمال غير معقودة على أن تضيف انتخابات المحليات جديدا إيجابيا للواقع المطلوب تغييره، بل فى الأغلب فإنها سوف تكرس الواقع القائم بكل سلبياته الضارة على المجتمع الليبرالى المنشود. الليبرالية ليست مجرد التعددية الحزبية، أو ممارسة حرية الرأى والتعبير، وإنما هى مفهوم أشمل وأعمق من ذلك بكثير يتجاوز إلى معان تترسخ فى المجتمع، وتتيح الفرص المتكافئة، فتحاصر الدعوات المزيفة التى تضرب الليبرالية فى مقتل تحت شعار حريات الرأى والتعبير. وإلى أن يحدث ذلك سيظل الحزب الوطنى يحكم ولا يقود، دون أن نحمله وحده المسئولية عن ذلك.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة