بعيداً عن حرب البلاغات التى تجرى رحاها بين سامح عاشور نقيب المحامين ومرتضى منصور المنافس المحتمل على منصب النقيب فى انتخابات النقابة القادمة، وبعيداً عن حجم المخالفات المالية الضخمة المنسوبة للنقيب والمجلس الحالى التى تحقق فيها الأجهزة الرقابية ..
لو صحت المعلومات التى يتبادلها محامو مصر بشأن تبنى النقيب قانوناً جديداً لتنظيم مهنة المحاماة يتيح له بطريقة غير مباشرة الترشح فى الدورة القادمة من خلال سيناريو يتبادله المحامون بشأن حل مجلس النقابة الحالى أو إلغاء الانتخابات الأخيرة ومن ثم الدعوة لإجراء انتخابات جديدة يكون عاشور المرشح الرئيسى على منصب النقيب .. فى حال نجاح تمرير هذا السيناريو يحق للمحامين أن يطلقوا على هذا القانون اسم قانون "سامح" باعتباره المستفيد الأول منه، وبذلك يكون للمحامين السبق فى وضع نهاية لهامش الديمقراطية المحدود الذى تتمتع به النقابات المهنية المصرية وتعد خطوة كبيرة للوراء فى طريق الإصلاح السياسى وانتكاسة لمبدأ تداول السلطة الذى يتشدق به نقيب المحامين فى كل مؤتمر أو مظاهرة شعبية يقودها من داخل النقابة.
الحقيقة أن محامى مصر فى أمس الحاجة إلى قانون جديد أكثر عصرية يقر ضوابط صارمة ومواصفات محددة للمحامى المصرى، كما يضع معايير مهنية لمن يحمل هذا اللقب، وأن يتولى القانون الجديد تنقية هذه المهنة من الدخلاء الذين يسيئون إليها كل يوم .. لم يعد مقبولاً أن تترك النقابة سمعة المنتسبين إليها يلوثها نفر من أعضائها حتى أصبحت مسار سخرية فى الأوساط العربية .. لكن ليس معنى ذلك أن يشمل القانون التعديل الذى تنصح به بطانة السوء المقربة من النقيب سامح عاشور..
أتصور أنه فى حال الاستجابة للطموح النقابى والجموح السياسى للنقيب سامح عاشور، تكون نقابة المحامين فقدت الكثير من رصيدها الوطنى ونسفت الآمال التى يعلقها قطاع عريض من المجتمع على دورها لتحريك المياه الراكدة فى حياتنا السياسية والنقابية، باعتبارها أكبر نقابة مهنية فى مصر، بل فى العالم العربى.
عندما أبلغنى بعض المحامين بالنوايا الحقيقية من وراء السيناريو المزعوم، تذكرت على الفور انتخابات نقابة محامى تونس التى شرفنى المشاركة فيها كمراقب، بصحبة شاعر مصر الكبير أحمد فؤاد نجم نهاية العام الماضى، لفت نظرى جدية الانتخابات وحيادية السلطة الحاكمة وحرصها على عدم التدخل فى التأثير عليها رغم عدم رضاها عن توجهات المرشحين .. لكن الأهم أن نقيب المحامين التونسيين المحامى عبد الستار بنموسى رفض كل الضغوط والإغراءات التى مارستها عليه جماعة المحامين التونسيين لاستخدام حقه فى الترشح مرة ثانية نظراً للدور البطولى الذى قام به فى حماية مهنة المحاماة والدفاع بإخلاص عن مصالح نقابتهم حيث جاء رد النقيب بنموسى حاسماً ورافضاً لكل الضغوط، وتمسك بموقفه الذى أصر على أن يكون نموذجاً عملياً لتداول السلطة وأن يعطى الفرصة لزملائه لأن ينالوا حظهم فى تولى هذا المنصب الرفيع.
نحن فى مصر بحاجة إلى نماذج مماثلة لموقف نقيب محامى تونس الذى أراد أن يبدأ بنفسه ويكون قدوة ليس فقط لمجتمع المحامين المحدود بل على مستوى السياسيين الذين يتشبثون بمقاعد السلطة إلى الأبد ويضربون بمبدأ التداول السلمى للسلطة عرض الحائط ..
أخيراً أتمنى أن تكون المعلومات التى يتبادلها حوالى 350 ألف محامى مصرى غير صحيحة وأن يتجنب النقيب سامح عاشور السقوط فى هذا الفخ وأن يستجيب لمبدأ تداول السلطة ويفسح الطريق لغيره من الكفاءات لتكمل المسيرة بطريقة ديمقراطية سليمة.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة