انتقض المصريون جميعاً، مسلمون ومسيحيون، بعدما اعتبروه إهانة لمقام البابا شنودة أعلى رمز لدى أقباط مصر، والتى تعرض لها قداسة البابا فى مطار هيثرو البريطانى والتمادى فى الاستخفاف بالإعلان عن الأسف وليس الاعتذار البريطانى عن هذه "الجليطة" من قبل دولة صاحبة جلالة إليزابيث الثانية.. وبقليل من التأمل سيتضح أن الغرب لا يقيم وزناً لديانة العربى ولا عزاء لمن يتوهم من أقباط المهجر أنه فى حماية واشنطن أو لندن أو غيرها، ويثبت للمرة المليون لمن يريد أن يفهم أن استغلال ورقة الديانة وما يصاحبها من دعاوى فاسدة بالدفاع عن "المضطهدين" فى بلادهم لأنهم " أقلية" ؟! وعندى فى هذا السياق قناعة راسخة بأنه حتى إسرائيل التى تعهد بوش بحمايتها كدولة يهودية فإن ذلك رهن باستمرار استخراج النفط من الدول العربية وعندما ينضب ستجد إسرائيل نفسها فى العراء، وليس " تشجيع" الولايات المتحدة لتل أبيب بنسف أية إمكانية لتسوية النزاع الإسرائيلى العربى ولو تسوية تعيد الحد الأدنى من الحقوق العربية وخاصة الفلسطينية، سوى دليل أكيد على ما أعتقد، ويكفى العودة بالذاكرة لنحو ثلاثة عقود واستغلال أمريكا للدين الإسلامى لمحاربة الاتحاد السوفيتى السابق فى أفغانستان وما تلا انهيار الاتحاد السوفيتى" الكافر" من إضفاء نقيصة " الإرهاب" على المسلمين، لنأخذ العبرة وتأنيب ضمير اللذين أشادوا بدفاع الولايات المتحدة عن الإسلام والمسلمين ولم يلتفت المشيدون العباقرة إلى أن الدفاع الأمريكى لم يتجل سوى فى أفغانستان فى السبعينيات والثمانينيات ثم فى إقليم كوسوفو فى بداية القرن الحادى والعشرين .. أما فى فلسطين والعراق ولبنان، فكل من يقاوم الاحتلال الأمريكى أو الإسرائيلى يصنف فى خانة الإرهاب ولولا الملامة لأخرجوا فتوى غريبة تؤكد أن العماد ميشيل عون اللبنانى مسلم الديانة يتخفى فى ثوب المارونى المسيحى، ومن بين الأحداث وهى كثيرة التى تستوجب التأمل احتلال صدارة الأخبار من جانب وزيرة الخارجية الأمريكية كونداليزا رايس،والإسرائيلية تسيبنى ليفنى، فالسيدة كوندى أعلنت بصريح العبارة وأمام شاشات التلفزيون وميكروفونات الإذاعة وأسماع الصحفيين أنها ستضغط بشدة على الدول العربية لإرسال بعثاتها الدبلوماسية إلى العراق ومساعدة حكومة نورى المالكى غير الطائفية على الاستقرار وهو نداء مباشر إلى العرب بمساعدة قوات الاحتلال الأمريكى على بقاء احتلال العراق وتجنب هذه القوات أى خسائر بشرية من جهة وإتاحة الظروف المواتية لشركات النفط الأمريكية لتمضى فى "نهب" ثروات العراق النفطية وتحقيق المزيد من الأرباح الفلكية كما تفعل الدول العربية مع شركات السلاح الأمريكية، وإذا تأملنا المليارات التى تدفع عن طيب خاطر فى شراء السلاح نتوه فى سؤال ملح "إذا كنا قد وجدنا أنفسنا فى غفلة من الزمن فى معسكر الاعتدال جنباًً إلى جنب مع إسرائيل فلمن نشترى كل هذا السلاح؟".
وما دمنا قد اطمأنت قلوبنا للشقيقة إسرائيل فلماذا أعلنت ليفنى من منبر الدوحة فى قطر العربية مطالبتنا بالتطبيع معها قبل قيام الدولة الفلسطينية هذا إذا قامت من أجله .. المهم أن وزيرة خارجية إسرائيل هددت الدول المارقة والحركات الإرهابية بالويل والثبور وعظائم الأمور وربتت الدولة "المضيفة" على كتف ليفنى تطلب السماح والصفح، ولم يقم طرف عن المشاركين فى المؤتمر المنعقد تحت لافتة الديمقراطية بلفت نظر الوزيرة "الحكيمة" إلى أن التاريخ البشرى ومنذ آلاف السنين لم يسجل حالة واحدة لدولة استكانت أو شعب استسلم للمحتل .. ونعيش العولمة!