فاطمة خير

كثير من المتابعات.. قليل من الحيوية

الخميس، 22 مايو 2008 12:30 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
" لا تشاهدى قناة العربية .. وحسب " هكذا قالت صحفية لبنانية مقيمة فى بيروت، حين الاتصال للاطلاع على الأوضاع هناك، وهكذا دون أن تدرى، لخصت التوصيف المناسب لما كان يوم الخميس الشهير وقت أن اندلعت الأحداث فى لبنان، ليس التوصيف الخاص بالأحداث ـ بالطبع ـ وإنما ذلك المتعلق بالتغطية الإعلامية لما حدث.

مرة أخرى ولن تكون الأخيرة، يبتعد الإعلام العربى مسافةً ـ ليست بالقليلة ـ عن الحياد، ومرة جديدة، يجد المشاهد العربى ـ الراغب فى معرفة حقيقة ما يحدث، يجد نفسه مضطراً للبحث عن تلك الحقيقة على شاشات غير عربية. مساء الخميس كان الطبيعى أن تكون الأخبار المتداولة أكثر تشتتاً عنها فى اليوم التالى، حيث المفترض التغطية الشاملة المدركة للحدث، لكنها ـ للأسف ـ أيضاً كانت شبه ملفقة، الرقابة باتت واضحة فيها، كلٌ ينقل ما يريد أن يراه الآخرون، وليس ما يحدث بالفعل، لم يكذبوا، لكنهم أيضاً لم يكونوا أمناء فى نقل الحدث، فقط قاموا بعمل "مونتاج" للأحداث.

مشاهد "العربية"، بالتأكيد كان متلقياً لشىء مختلف عن مشاهد "الجزيرة " وعن مشاهد "تليفزيون الجديد"، أما " المستقبل " فكانت خارج نطاق الخدمة، ولم يكن الحال ليكون بالأفضل لو أنها كانت تعمل، " النيل للأخبار " كالعادة كانت تحلل، وبعد جولة يتوجس فيها المشاهد نوعاً من الخداع، قد يجد أن الأفضل هو التوقف عند الـ bbc بحثاً عن بعض الاستقلالية. حصل المشاهد على "درس خصوصى" فى تعدد المسميات التى تمنحها المحطات الإعلامية للحدث .. وخسر ثقة كان يحلم بها ترشده إلى الحقيقة. .. وكأن كل ما يحاول الإعلام العربى أن يبنيه، بتأسيسه للقناة تلو الأخرى، يذهب أدراج الرياح حين الحدث الحقيقى، كلٌ ينصاع طائعاً لمموليه، ويرتبك المشاهد حين يحاول أن يعرف فى كل مرة أيهم يصدق، ثم يصيبه الإحساس بالدونية الإعلامية إذ يكتشف أن الحقيقة قد توجد عند الغرباء، فيسلم بذلك، ويصبح من جديد ملكاً لشاشة غير عربية .. تفعل به هى الأخرى ما تشاء.

بناء الثقة فى شاشة، ليس بالأمر السهل، مشوار طويل قطعت منه الشاشات العربية الناشئة، طريقاً ليس بالقصير، لكن تظل تنقصه الرغبة الصادقة فى منح الحدث ما يستحقه من احترام، برغم مثالية فكرة الحياد المطلق والموضوعية، إلا أن سقوط الشاشات العربية فى اختبارات الأحداث الكبيرة، يجعلها تتراجع كثيراً لتخسر أشواطاً ـ قد قطعتها بالفعل ـ إلى عقل المشاهد.
هذا عن ولاء الشاشة لحق المشاهد فى المعرفة .. أما ولاء المذيع فهو لصورته، لكن ذلك يتوقف على ذكائه .. فمن الطبيعى أن تمنح كل محطة العاملين فيها، روحاً تخصها، تنعكس على أدائهم، وقد يتأثر بها المذيعون فينقلونها معهم أينما ذهبوا، ولا ينفى ذلك رغبتهم فى التميز، طمعاً فى طرح أسمائهم على قوائم المرغوبين من المحطات المتوالدة تباعاً، فيبرز كلٌ منهم أفضل ما عنده موظفاً شاشة القناة فى تقديمه بالصورة الأفضل، وهنا تبرز قيمة أن يمتلك المذيع "كاريزما " خاصة به .

"الحياة اليوم" البرنامج الوليد، يحظى بطاقة إعداد كبيرة، تتضح بقوة من خلال كم الأخبار والتقارير على شاشاته كل يوم، وإذا استمر البرنامج على المنوال نفسه، سيكسب بالتأكيد أرضية كبيرة، حيث يقدم الجرعة الخبرية الأكبر وسط برامج الحوار المسائية، كما أنه يتبعها باتصالات هاتفية مع أشخاص متعلقين بالخبر، مما يمنح أخباره ثقلاً، وغيرها من المميزات، كمناقشة أكثر من موضوع فى الحلقة، كما يتم التنويه عن موضوعات البرنامج على لسان مذيعيه، فى الساعة السابقة على إذاعته، أى وقت بث المسلسل العربى، مما يمثل إعلاناً جيداً عنه مجهود كبير، لكنه لن ينعكس إلا من خلال مذيعى البرنامج، والبرنامج يحظى بأربعة مذيعين شباب، على قدر كبير من الطموح، والأداء الجيد، لكن تبقى .. الكاريزما !

"الكاريزما" .. هى ما يفتقده البرنامج، وهو شىء لن يكتسبه بالوقت، فالكاريزما منحة إلهية، وربما لا يمتلك المذيع كاريزما إدارة برنامج حوارى، أو تقديم برنامج جماهيرى، لكنه يمتلك القدرة على تقديم نوعيات أخرى، أما فى "الحياة اليوم "، فإن جدية "دينا سالم" تناسب كونها مقدمة نشرة إخبارية، أو برنامج اقتصادى، لكن نبرة صوتها، وجمود تعبيرات وجهها، لا تناسب بالتأكيد برنامج تعتبر " الحميمية " مفردة مهمة ضمن أدوات تواصله مع مشاهد مفترض أن يتم تحريضه على المتابعة اليومية، فالبرنامج ليس إخبارياً وحسب، هو ليس وحده مصدر الحصول على الخبر، البرنامج هو جرعة خبرية يتم تناولها بالنقاش من خلال أشخاص يحبهم المشاهد، و المشكلة نفسها موجودة لدى "شريف عامر" الذى يبدو أنه تأثر كثيراً بفترة عمله فى قناة "الحرة" فغادرها إلى "الحياة" وهو لا يزال متمسكاً بأسلوب عمل مذيعيها الذى ينتهج التعبيرات الباردة. والمفارقة أن " الكاريزما " المفتقدة لدى مقدمى البرنامج الرئيسيين، توجد لدى مذيعة أخرى فى البرنامج، وهى "لبنى عسل"، برغم صغر سنها، إلا أنها تمتلك حضوراً يمكن أن يمنح البرنامج حيويةً يفتقدها، لو أنه قد تم توظيفها ـ دينا ـ بشكل أفضل .

مشكلة الـ "الكريزما" قد ترتبط أحياناً مع عناصر أخرى، كسن المذيع، يبدو ذلك من خلال برنامج "صباح الخير يا مصر" فبعض مذيعيه قد تجاوزوا السن الذى يناسب البرنامج، خاصةً مع عدم تميزهم بميزات خاصة تبرر استمرارهم فى تقديمه . من أذكى المذيعين فيما يخص الحضور لدى المشاهد، هى "منى الشاذلى"، التى قررت بعد تحقيق سقف النجومية المتاح على شاشات راديو وتليفزيون العرب Art، أن تثرى مشوارها المهنى بالنجومية لدى المشاهد المصرى، فكانت أن اختارت محطة "دريم" التى ورغم عدم تميزها على المستوى المهنى إلا أنها اكتسبت شعبية لدى الشارع المصرى لأسباب عدة، أهمها أنها كانت أولى المحطات المصرية الخاصة. وظفت "الشاذلى " محطة "دريم" لتكتسب شعبية مصرية افتقدتها على الـ Art، واستطاعت أن تجعل نجومية البرنامج تعتمد عليها، فالبرنامج هو "منى الشاذلى"، ثم وبعد سنوات حصل فيها "العاشرة مساءً" على أقصى ما يمكن أن يحصل عليه من شعبية، وفقاً لإمكانيات المحطة التى تنتجه.

اتجهت "منى " فى الفترة الأخيرة للتركيز على استضافة الشخصيات الأكثر شهرة، لتضمن بذلك مكاناً فى سباق التميز، ولأنها تريد أن تفعل كل ما بوسعه أن يزيد من نجوميتها، كانت الحلقة الأكثر بريقاً بإجرائها لقاءً مع الرئيس الأمريكى "جورج بوش"، عشرة دقائق فقط، استثمرتهم "الشاذلى" قدر المستطاع، ذكرت فى بداية الحلقة أن الرحلة تم تمويلها من المحطة، لتنفى ما أثير حول تمويلها من الجانب الأمريكى، ثم استضافت السفير المصرى فى واشنطن "نبيل فهمى" لتكمل حلقتها، التى حصلت على كم هائل من الإعلانات من المؤكد أنه غطى تكلفة الرحلة وزيادة . وبرغم كل ما أثير عن الأهداف الخفية وراء الحلقة، إلا أن المؤكد بأن ما قصدته "الشاذلى" من ورائها هو الحد الأقصى من النجومية والشهرة والبريق، لا شىء سوى ذلك، فاللقاء لم يقدم أى جديد، لكنه فى حد ذاته يمثل تميزاً إعلامياً بالنسبة لها، فقد تم إجراؤه لصالح قناة منوعات بالأساس .

كاريزما "منى" وذكاؤها، هو ما يمنحها حضوراً ومكانة لدى المشاهد المصرى، وهو ما تأكد فى الحلقة التى غابت عنها لسفرها إلى واشنطن وقدمها د."خالد منتصر" .. وتبقى الكاريزما هى كلمة السر، والحقيقة أيضاً .









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة