حمدى الحسينى

الصفقة .. سرية!

السبت، 24 مايو 2008 12:06 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا أحد ينكر أن الصحافة المصرية بشتى أنواعها محاصرة بين سندان الحكومة ومطرقة رجال الأعمال، إذا نجا الصحفى من سيطرة وجبروت أجهزة الدولة التى تتبعه فى كل مكان فهو معرض للسقوط فى أحضان رجال أعمال هذا الزمان الذين تسيطر على أغلبهم روح الانتهازية والميل نحو الكسب السريع بصرف النظر عن مشروعية سلوكهم.

فى الفترة الأخيرة أصيب الكثير من رجال الأعمال بهوس الإعلام والرغبة فى استقطاب أكبر عدد من الصحف واحتواء أكبر عدد من الصحفيين .. هذه الرغبة دفعت الكثير منهم إلى الدخول فى سباق محموم نحو تأسيس صحف جديدة أو شراء صحف قائمة بالفعل ..محصلة هذا السباق هى انهيار مهنة الصحافة وتراجع دورها الرقابى والإصلاحى فى المجتمع. يبدو أن نجاح تجربة بعض رجال الأعمال فى الفوز بتقاسم "تورتة" الإعلام مع الحكومة، أغرت العديد منهم لحجز موقع مميز لهم فى الإعلام المكتوب، ووزع رجال الأعمال أنفسهم بالتساوى بين وسائل الإعلام بشقيها المرئى والمكتوب والهدف طبعاً معروف وهو اللعب مع مؤسسات الدولة فى السر أو فى العلن.

أتحدث عن قضية الصحافة بمناسبة المفاوضات السرية التى يجريها حالياً عضو بالحزب الوطنى ورجل أعمال من الوزن الثقيل مع دوائر بالحكومة وبعض الزملاء الصحفيين بهدف إطلاق صحيفة جديدة خلال الأيام القادمة يقولون إنها ستكون الأضخم فى الوسط الصحفى من حيث التمويل والتجهيز. الحقيقة أن خبر إصدار صحيفة جديدة يجب أن يسعد كل العاملين فى بلاط صاحبة الجلالة، لأنه ببساطة يعنى نافذة جديدة للتعبير، وفرص عمل جديدة ورواتب وإنعاشاً لسوق الصحافة وإثراء للثقافة وتجديداً للفكر لكن .. أجدنى غير متفائل أمام هذه التجربة ربما لأنى أعرف جزءاً من أهداف رجل الأعمال لإصدارها وأغلبها ليست بريئة.

يكفى أن نذكر بأن هذا الثرى تطوع قبل سنوات من أجل شراء زميلين، كانت لهما مواقف حادة فى نقد الأوضاع الداخلية فى الحزب الوطنى وملاحقة رموزه بقوائم من جرائم الفساد المتنوعة، كما أن تلك الصفقة كانت تقوم على أساس أن يتوقف الزميلان عن الكتابة ويجلسان فى منزلهما مقابل الحصول على رواتبهما مضاعفة ..نحمد الله أن الصفقة فشلت وخرجت الصحافة والزميلان بسلام من هذا الفخ رغم حسن نواياهما ونوايا رجل الأعمال من وراء العرض السخى ..ماذا ننتظر من رجل أعمال منهجه "شراء" الذمم وإفساد الصحفيين؟

لست ضد رجال الأعمال أو حاقداً عليهم بل العكس أتمنى أن يتضاعف عددهم وتنمو استثماراتهم لأن ذلك يعنى مزيداً من فرص العمل بل وينعش الاقتصاد الوطنى بما يفتح أبواباً جديدة للرزق أمام باقى المواطنين، لكن الواقع أن أحد الزملاء المتخصصين والقريبين من هذا الثرى يتحدث عن "حيلة" اقتصادية طبقها نفس الثرى فى شركاته مؤخراً ربح من ورائها أكثر من 12 مليار جنيه كان عليه تسديدها للضرائب والأرقام على مسئولية زميلنا المتابع لنشاطات رجل الأعمال بدقة.

الحديث عن معاناة النائب الثرى من اضطهاد رجل أعمال أكبر وزناً وقيادة نافذة بالحزب الوطنى ..لا ينتهى من خلال الموقع الحزبى، حيث تتعمد تلك القيادة محاصرة تحركات هذا الثرى فى الوسط الصحفى ومن ثم الحد من حضوره الإعلامى بجانب تقلص نفوذه الحزبى والاجتماعى. كنت أتمنى أنت تكون دوافع رجل الأعمال وراء تأسيس مشروعه الصحفى الجديد هو الحرص على المصلحة العامة والمساهمة فى قطار الإصلاح الشامل الذى تنتظره مصر الآن أكثر من أى وقت مضى من أجل بناء مستقبل أكثر إشراقاً على الجميع ..لكن ليس كل ما يتمناه المرء يدركه.









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة