حنان كمال

جواز سفر..

الجمعة، 20 يونيو 2008 12:04 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كلما تحدثت الدولة عن الزيادة السكانية، راودنى شعور بأننا شعب من الكسالى والمتنطعين، الذين تعيلهم الحكومة، يؤلمنى الأمر كثيراً، مرة لأننى أرى نفسى موهوبة وكفئة، بينما لم توفر لى بلادى حياة لائقة، فهجرتها إلى أرض الله الواسعة، ويؤلمنى مرة أخرى لأننى أم لثلاثة أبناء بالفعل، وبالتالى فأنا عرضة لعقاب تفكر أن تفرضه الحكومة على الأسر الكبيرة، ضحكت كثيراً وأنا أقرأ الخبر بصحف القاهرة، ما أضحكنى هو أن عقاب الحكومة وصلنى من زمان، ففضلاً عن أننى أعتقد أن مصر لم توفر لأى من أبنائى أكثر من شهادة الميلاد وجواز السفر، فأنا أعتقد كذلك أننا بسفرنا إلى دبى بحثاً عن حياة أفضل لأطفالنا، قد صرنا من مطاريد الحكومة المصرية، يسألنى ابنى دائماً: لماذا خلقنا الله مصريين؟؟ ولا أجد إجابة، ثم يقول لى إنه لا يريد العودة إلى مصر. أقول له أننا سنعود، وسيكون هو وإخوته قد تعلموا تعليماً يليق بهم، وربما يكون لديهم الكثير ليقدموه لبلادهم، أعتقد أنه مازال فى وسع السبعين مليون مصرى أن يتجاوزوا محنتهم، ويستطيعون أن يكونوا أكثر من أفواه تصارع الغلاء، بحثاً عن لقمة عيش كريم، أدركت أننى لن أعود لمصر إلا إذا تغيرت عقلية النخبة الحاكمة، وقررت أن تعاملنا بوصفنا ثروة بشرية لا مشكلة سكانية. قلت هذا لأصدقائى الذين يسألوننى كل يوم، كيف أطيق الحياة بعيداً عن القاهرة، تذكرت كم أعشق هذه المدينة وأكره قهرها لأهلها، أقرأ فى الصحف عن الرجل الذى اختل عقله، فقتل أبناءه الثلاثة، وأشعر أن لا فرق بينه وبين دولة تقتل أبناءها كل يوم حين تصعب عليهم الحياة، تجعلها شبيهة بتمرير الهرم فى ثقب إبرة، ثقب الإبرة هذا هو عقل الحكومة وقلبها، تعاملنا الحكومة على أننا عبء لا شركاء فى هذا البلد، على أننا رعايا ولسنا مواطنين لهم حقوق وعليهم واجبات.. فى النهاية صارت المعادلة شديدة الوضوح فى رأسى: نحن شعب بلا وطن.. لذا فغربتى فى دبى لم تزعجنى كثيراً، أزعجتنى أكثر منها غربتى فى مصر.. أرسلت أخيراً لأصدقائى أقول لهم: جهزوا جميعاً جوازات السفر فهى كل ما ستمنحكم إياه بلادنا.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة