تتعامل الحكومة مع سامح عاشور نقيب المحامين على أنه "فرخة بكشك"، فهو الذى أمم لها نقابة المحامين، فضلا عن أنه يقف للإخوان المسلمين "على الواحدة"، والحكومة ترى أن الإخوان هم عدوها الأكبر، لأنهم يزاحمونها على كراسى السلطة، وهم التيار الوحيد – من حيث الشعبية – الذى يمثل منافساً حقيقياً على الحكم، ولا ينقصهم إلا رضى الأمريكان، ودرجة معينة من التهور!.
النقيب سامح تمكن من السيطرة على النقابة، واستطاع أن يلعب بأعضاء المجلس من الإخوان "كرة شراب"، ساعده على ذلك أنهم طيبون و"مشايخ عرب"، وهو أمر، لم يكن سيحققه إذا كان يلاعب "الثعلب المكار" مختار نوح، لكن الإخوان استغنوا عن خدمات مختار، وفصلوه. كما ساعده أن أهل الحكم مكنوه من "بيت مال" المحامين، ومن المعلوم بشئون النقابات بالضرورة أن أمين الصندوق، هو الكل فى الكل، وأن النقيب إن لم يكن على وئام معه، سيكون نقيباً منزوع الدسم، لكن البنوك وبأوامر حكومية، اعتمدت توقيع سامح عاشور منفرداً على الشيكات، بالمخالفة لقانون النقابة، ففى سبيل تمكين سيادة "النقيب" من مهامه التاريخية، يجوز ضرب القانون على مؤخرته بالبرطوشة!
الأصل فى سامح أنه معارض، فهو ناصرى، وهو أيضا نائب حزب جمال عبد الناصر، وفى بعض المواقع، فإن الحكومة تريد رجالها، ولا تتعامل مع المؤلفة قلوبهم، وإن تطوفوا بالمقر الرئيسى للحزب الوطنى بكورنيش النيل. ألم تر كيف أنها ضاقت ذرعاً بجلال عارف نقيب الصحفيين السابق، مع أن الرجل لم يكن ليهش أو ينش، لكن فى حالة سامح عاشور فإن الأمر مختلف، وفى كل شئ!
تذكرون حضراتكم أن نادى القضاة عندما اعترض على مشروع قانون السلطة القضائية، وطالب بالاستماع إلى رأيه فى مجلس الشعب، غضب فتحى سرور، وقال إن مجلسه هو المشرع، ولا توجد جهة من حقها أن تنازعه هذا الحق، ولو بالاستماع إلى رأيها!
نفس الشئ حدث عندما جرى تعديل لبعض المواد الخاصة بجرائم النشر، وطالبت نقابة الصحفيين أن تدلوا بدلوها فى الموضوع، وقالت إن لديها مشروع قانون مكتمل، ترى أنه الأفضل، فقد كان الرد حاسماً وغاضباً. إن التشريع حق أصيل لنواب المجلس، ووصل الغضب مداه، عندما تم تذكير رئيس المجلس بوعد السيد الرئيس الخاص بإلغاء عقوبة الحبس فى قضايا الصحافة، فقد أوشك أن يقول: وماله الرئيس، الذى يرأٍس السلطة التنفيذية، والتى لا شأن لها بالتشريع!
سامح عاشور – يا قراء – أعد مشروع قانون للمحاماة، فتقبله الحزب الحاكم شخصياً بقبول حسن، وتم الدفع به إلى مجلس الشورى، ومنه إلى مجلس الشعب، ووقف زعماء الحزب فى البرلمان يدافعون عنه، ويذودون عن حياضه، وغضب المحامون، لأن مشروع القانون يحتوى على مادة طوارئ، هى المادة الأولى، التى تعيد الحراسة إلى هذه النقابة العريقة، لكن كله يهون من أجل إجلاء الإخوان عن النقابة، وكله بالقانون!
المادة الجريمة تقول بتولى لجنة إدارة النقابة، وإعداد كشوف الناخبين، ويترأس اللجنة آخر نقيب منتخب.. هو بالطبع "النقيب" سامح، وعضوية عدد من نقباء المحامين بالمحافظات يختارهم "النقيب"، الذى هو أيضا "النقيب" سامح!
لم تشترط المادة سالفة الوصف أن يكون النقيب هو وليد انتخابات شرعية، فالمطلوب أن يكون منتخباً، ولو انتخابات باطلة، والحقيقة أن سامح عاشور هو إفراز لانتخابات باطلة بالثلاثة، بموجب حكم القضاء، الذى كان سيادته قد قرر الاستفادة منه بخوض الانتخابات للدورة الثالثة، واعتبره رمية بغير رام، تمكنه من التحايل على مادة قانون المحاماة، التى تنص على عدم جواز أن يشغل النقيب موقعه لأكثر من دورتين متتاليتين، هذا إن لم توافق على إقرار مشروع القانون، الذى هو من تأليفه وإخراجه!
إن صاحبنا يعرف أن قدره لدى أهل الحكم يستمده من عدائه للإخوان، لذا فقد كانت المادة الأولى تقول بإجلائهم عن سماء النقابة، وقد أحدثت هذه المادة هرجاً ومرجاً فى صفوف المحامين، وهاجمها كثيرون، وعزف سامح على وتر الإخوان، فالذين يرفضون مشروعه هم الإخوان، مع أن عدداً كبيراً من قيادات جبهة الرفض ينتمون إلى حزب الوفد، وهل الدكتور محمود السقا، وعضو المجلس محمد كامل من الإخوان؟!
لقد تحول قانون سامح إلى قانون "فتنة"، كان المفروض أن تكون دافعاً له للتراجع، لكن هو لا يعنيه إلا أن يبقى فى موقعه إلى يوم يبعثون، وهو ما سيحققه له قانون الفتنة هذا، فيكفى أنه قربه من أصحاب الحزب الوطنى زلفى، ورضاهم خير من الدنيا وما فيها.
إنها عظمة سامح الذى وحد الحزب الناصرى والحزب الوطنى على قلب رجل واحد، هو قلب حضرته!
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة