لم يعد هناك فى الواقع ما يسمى"النشرة الإخبارية" فى لبنان، بل هناك "النشرة الاستعراضية"، فكل من أحب أن يتابع السياسة ويعرف أحوال البلد يقف مسمراً فى مكانه أمام مشهد "شرّ البلية ما يضحك"، فلا نرى حالياً سوى جثث مازالت حية فى الواقع وميتة فى الوجدان تتنقل ما بين القصر الجمهورى وتقرع أبواب عين التينة.
كلّ يبحث عن حقيبته الضائعة، وعلى ما يبدو أن النشالين فى البلد قد زادوا، وكلّ أضاع حقيبته على هذا الباب أو ذاك، كل يبحث عن حقيبة آخر موديل ووزارة صرعة الموسم، وكلنا نغنى للحكومة "أنا فى انتظارك مليت"، فتارة نستقبل سفيراً ورئيساً ومسئولاً، ومازالت الحكومة بكماء حتى أنها لم تتعلم لغة الإشارة بعد، ويسير الرئيس السنيورة مسار صبر أيوب، وإنما "للصبر حدود"، فمتى سنبقى هكذا نسير فى مكاننا!
أصبح التضارب على المناصب فى لبنان داء لا دواء له، وموضوع التهافت على الحقائب الوزارية وعدم تشكيل الحكومة إلى الآن محاولة لضرب اتفاقية الدوحة ومحاولة لتفكيك كل المبادرات العربية، وطبعاً هذا أبغض الحلال برأيى. المشكلة الفعلية أن الجميع يريدون تفصيل الثوب الذى يليق على مقاسهم وهذا لا يجوز، فأين مطالب الشعب وحاجات المواطنين وحقوقهم المدنية.. إلى ماذا يتطلعون؟
أين تأمين الشيخوخة وحقوق الأشخاص المعاقين.. أين التأمين الصحى والإنسانى؟ أين الدولة من غلاء المعيشة وبطالة قسم كبير من المثقفين وغيرهم؟ من يسأل عن كل هذا؟
ما نرفضه اليوم حقا مبدأ "كراسى بالوراثة"، فهل من حق أصحاب سلالة الكراسى أن يتحكموا بنا أكثر من ذلك، إنها إقطاعية حقة، إقطاعية مبطنة بثوب الديمقراطية، وهذا الحكم الإقطاعى لن يدوم كثيراً فغلطة الشاطر بألف، والأخطاء زادت عن حدها، والقافلة تسير ونحن سنسيرها بالانتفاضة فقط وبالوعى الوطنى.
لو أدرك المجتمع المدنى خطورة هذا الأمر، ولو سارت الجمعيات الأهلية مسار العقلاء لحطمنا جدار الاستغلال والخوف، مازالت محاولات الرئيس السنيورة فى كشف المستور عقيمة، كل شىء موضوع طى الكتمان، والصحفيون يتنقلون معه عبثاً ويتمنع عن الإجابة، وكأن مصير الشعب أن يعيش فى الظلمة، ويبحث عن الماء فى الصحراء، تصريحات كثيرة من بعبدا، وزيارات كثيرة للرئيس سليمان، لكن على ما يلوح فى الأفق أن الرئيس واع جداً على ما تبغيه النفوس.. والله أعلم!
صحفية لبنانية