حمدى الحسينى

نبوءات ..هيكل !

الثلاثاء، 03 يونيو 2008 12:18 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لست من دراويش هيكل ولا من بين حجاج بيته الريفى بضاحية "برقاش" بالجيزة، لكنى فى نفس الوقت أحرص على حضور ندواته ومتابعة أحاديثه ومقالاته فى مختلف وسائل الإعلام ..سبب حرصى الدائم على متابعة الأستاذ يرجع إلى دواعى مهنية ومتعة شخصية، حيث تعودت على الاستمتاع بطريقة الأستاذ فى التحليل السياسى ومفاجآته الجديدة دائما فى كل ندوة أو مقال أو حتى الحديث العابر..هذه تركيبة الأستاذ الذى يحرص على وجود عنصرى الدهشة والصدمة فى كل إنتاجه الصحفى.

فى آخر لقاء له قبل أيام مع أعضاء نادى قضاة مصر .لم تفاجئنى حزمة الآراء "المحبطة" التى طرحها على جمهور اللقاء، فقد سبق أن قال الكثير من هذه الآراء فى مناسبات عديدة .. هذه المرة تنبأ بأن العامين القادمين سيكونان الأسوأ فى تاريخ مصر ودعا الله أن يمرا على خير وبأقل خسائر ممكنة على شعبها.

كعادته اختار التلميح بدلا من التصريح ومضى فى الهمز والغمز فى معرض تعليقه على تمديد قانون الطوارئ لمدة عامين. هيكل كان يتحدث بمرارة لم أعهدها منه طوال السنوات الأخيرة منذ أن أطلق نبوءته الأولى عن "التوريث "فى محاضرته الشهيرة بالجامعة الأمريكية ..يومها كنت مشاركا فى المحاضرة التى جرت وقائعها فى شهر أكتوبر 2002وقتها أصبنا جميعا بالصدمة مما طرحه هيكل بشأن سعى دوائر فى الدولة لتوريث السلطة من الرئيس مبارك إلى نجله الأصغر جمال الذى كان منخرطا فى ذلك الوقت بالأعمال البنكية فى الداخل والخارج .. بعد أن تحققت نبوءته بشأن سيناريو التوريث بدأت أتتبع خطى الأستاذ فى كل مكان.

عموما طرح هيكل مع القضاة جملة من الرسائل الخطيرة أهمها من وجهة نظرى أن حديثه عن "الخوف " ..كلمة الخوف ترددت على لسانه عدة مرات عندما تطرق لقضايا الشأن الداخلى، لكن اللافت أنه اعترف للزميل مجدى الجلاد بأنه "يخاف" عندما حاول الجلاد أن ينتزع منه تصريح محدد بخصوص رؤيته تجاه مستقبل الإصلاح السياسى فى مصر.

لاحظت أن هيكل تجنب الخوض بعمق فى شرح تفاصيل المشهد الداخلى بينما ركز نبوءاته على القضايا العربية والإقليمية من السودان وخطر زواله إلى فلسطين وتصفية أنبل قضية فى التاريخ الإنسانى إلى لبنان والإشادة بحزب الله وزعيمه، ثم أخيرا إلى إيران والدعوة إلى التصالح بين القاهرة وطهران.. من وجهة نظرى يعتبر حديث هيكل الأخير مع القضاة هو الأهم ..أتصور أن ما جاء فى اللقاء يجب أن نتوقف أمامه طويلا نفنده، نحلله، ندرسه، ونطلب من الحكومة ومؤسساتها "إذا كانت قائمة " الرد عليه بل لا أبالغ إذا طالبت باستدعائه إلى مقر البرلمان لمناقشته فى آرائه التى طرحها فى ذلك اللقاء.

رضينا أو لم نرض هيكل الذى تجاوز الثمانين سيبقى صحفيا استثنائيا..لا ينتمى لمدرسة صحفيى "البنطلونات القصيرة" الذين فضحهم الكاتب الكبير سلامة أحمد سلامة، مؤخرا فى مقال بديع، ولا هو هاوى سياسة، ولا باحث عن ثروة ولا ساعى إلى الأضواء ..الرجل ينام على كنز من الخبرة والمعلومات والقدرة الفائقة على التحليل السياسى الذى لا نظير له فى عالمنا العربى .. شارك فى صياغة السياسة المصرية خلال مرحلة خطيرة من تاريخ مصر، يمتلك ثروة ضخمة لم يشكك فى شرعيتها أحد نال من الشهرة والأضواء أكثر من أى صحفى فى العالم الثالث، ولذلك سوف تخسر مصر كثيرا إذا تركنا لهواة الصحافة وعملاء أجهزة الأمن مهمة الرد على الأستاذ ومناقشة أفكاره وتفنيد آرائه.

لأن هؤلاء ببساطة لا يقومون بدورهم بدوافع الغيرة على المصلحة العامة بقدر العمل على "تسفيه" مواقف هيكل والتطاول عليه دون أن يجرؤ أحدهم على الدخول معه فى معركة فكرية يكون محورها الأساسى مصلحة مصر ..والذى لا يعرفه هؤلاء "الصغار" أنه كلما تركوا أفكار هيكل وركزوا سهامهم المسمومة إلى شخصه تضاعفت لدى الناس محبته وارتفعت مكانته لدى الرأى العام.









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة