خالد الشريف

ثورة يوليو.. الحلم والواقع

الخميس، 24 يوليو 2008 12:01 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
رغم مرور 56 عاما لا تزال ثورة يوليو تثير الكثير من الجدل والنقاش، خاصةً فيما ارتبط بها من أحداث، على رأسها الصراع الدامى بين عبد الناصر والإخوان، وما أفرزه من محاكمات وإعدامات لقادة الإخوان، بالإضافة للحدث الأبرز فى تاريخ الثورة، وهو نكسة 67 التى أصبحت حَدًّا فاصلاً فى تاريخ العرب الحديث، فقد كانت هزيمةً عسكرية، وانكسارًا سياسيًّا ونَفْسِيًّا للعرب جميعا.

ولا يختلف اثنان أن ثورة يوليو ثورةٌ وطنية حاولت النهوض بالمشروع العربى، وهى ثورة اجتماعية واقتصادية أحدثت تَحَوُّلاتٍ عميقة فى المجتمع المصرى الحديث، وكان لها الفضل أنها بوَّأَتْ مصر والعرب مكانةً رفيعةً فى حركة التحرر الوطنى، ولعبت دورا هامًّا فى محاربة المشروع الغربى والاستعمار الصهيونى، وهو أمر لا يمكن إنكاره أو التهوين منه.

لكن تبقى الممارسات القمعية لقادة الثورة الشبان، الذين فقدوا طهر المبادئ والقيم والشعارات، فتحولوا إلى طُغَاةٍ فى أول صدام بالعوائق الداخلية، وكان العامل الأول فى تخريب الثورة هو سيطرة أجهزة الأمن والمخابرات على نظام الدولة، حتى قال عبد الناصر عشية هزيمة يونيو: (الآن سقطت دولة المخابرات). وكان من أهم الأسباب لوقوع النكسة هو القمع السياسى، وغياب الديمقراطية، وتَرَهُّل القيادات السياسية والعسكرية، وفشل العدالة الاجتماعية، وسيطرة المخابرات، بالإضافة إلى محاربة التيار الإسلامى.

ومن العدل والإنصاف أن نقول بعد مرور 56 عاما على الثورة: إن الإخوان المسلمين يتحملون جُزْءًا من المسئولية التاريخية فى انكسار الحلم العربى، بسبب قصور رؤيتهم السياسية، وعدم وعيهم بالواقع، وحزبيتهم الضيقة، وعجزهم عن إدراك المتغيرات المحلية والإقليمية والدولية، مما أدى فى النهاية إلى مأساة تراجيدية لتجربتهم السياسية، أدت إلى انسحابهم من المشهد السياسى العربى.

فعبد الناصر لم تكن بينه وبين الإخوان قبل الثورة عداوات، بل إنه حل كل الأحزاب والتنظيمات السياسية.. وأعاد لجماعة الإخوان مشروعيتها القانونية، فهو صاحب الفضل فى إعادتها للحياة السياسية من جديد.. ولكن الإخوان دخلوا مع عبد الناصر فى خلافات سياسية بسبب رغبتهم فى الحكم والسلطة، ثم كانت الطامة الكبرى بحادث المنشية، وهو محاولة حقيقية لاغتيال عبد الناصر عن طريق النظام الخاص للإخوان، لكن بدون علم المرشد العام، ولا إذنه.. فهب عبد الناصر متجاوزًا كل القوانين فسجن وعذَّب واعتقل وقتل الإخوان فى السجن الحربى، وكانت الجريمة الكبرى هى إعدام المفكر والأديب سيد قطب رحمه الله.

إن قادة ثورة يوليو- خاصة عبد الناصر- يتحملون المسئولية كاملة عن سياسة القمع، التى أهدرت كرامة المواطن المصرى، واغتالت هويته، وسلبت إرادته، بالإضافة لشخصية عبد الناصر الخطابية، ونزعته الفردية، وفساد بطانته السياسية والعسكرية والأمنية، وتهافتها على المصالح الشخصية، وضعف تكوينها الإدارى والسياسى والأخلاقى، والمغامرات السياسية والعسكرية المصرية غير المحسوبة؛ مثل حرب اليمن، والدخول فى الصراعات العربية، والاستهانة بقدرات المشروع الغربى الصهيونى، واستعداء القوى الكبرى– الولايات المتحدة وبريطانيا، والارتماء فى أحضان الاتحاد السوفيتى المتردد بطبيعته وواقعه وإمكاناته!

كل هذه الأسباب والعوامل - بلا شكٍّ- أدّتْ إلى كارثة يونيو، وفشل مشروع الثورة، والذى ظل المصريون ينظرون إليه كأنه حُلُمٌ جميلٌ يتمنون تحقيقه فى ميدان الواقع.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة