سعيد ياسين

أحمد حلمى .. "إزعاج" واحد لا يكفى

الأحد، 27 يوليو 2008 12:04 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كنت على يقين وأنا فى طريقى مع صديقى حازم عبده لمشاهدة فيلم أحمد حلمى الجديد "آسف على الإزعاج"، أننى لن أجد مكانا فى دار العرض، وهو ما حدث، ولكن كانت لدى رغبة ملحة فى مشاهدة الفيلم فى أيامه الأولى، وبعد جهد مضن عثرت على تذكرتين فى آخر ثلاثة كراسى فى إحدى قاعات العرض فى سينما "أوديون"، وكانت تفصل بينى وبين شاشة العرض مسافة كبيرة، اختصرها كثيرا حلمى حين أطل على الشاشة وهو يرتدى ملابسه فى طريقه إلى مطار القاهرة حيث يعمل "مهندس طيران".

وهو شاب ميسور الحال تعمل والدته "دلال عبد العزيز" مديرة فى أحد البنوك، فى حين تربطه بوالده الطيار "محمود حميدة" علاقة قوية، ويشعر بالاضطهاد من كل المحيطين به إلى جانب ميله إلى العزلة، الأمر الذى يدفعه إلى كتابة خطابات إلى رئيس الجمهورية يشكو إليه من الجميع وعدم تقديرهم لعبقريته ولاكتشافه الجديد الذى يقلل من استهلاك وقود الطائرات، ويسعى إلى التعرف على الفتاة "فريدة" ـ منة شلبى ـ ويساعده والده بحكم صداقتهما.

مضت الأحداث سريعة فى الجزء الأول من الفيلم واستطاع حلمى أن ينتزع الضحكات من القلوب، بطريقة أداء غلبت عليها البساطة والتلقائية. وفوجئنا فى الجزء الثانى من الفيلم بتغير كلى وجزئى فى الأحداث إلى جانب طريقة الأداء التى أبكانا من خلالها حلمى، بعدما اكتشفنا أنه أصيب عقب وفاة والده بانفصام فى الشخصية. جاء السيناريو الذى كتبه الشاعر أيمن بهجت قمر فى ثالث تجاربه السينمائية معبرا، وكان موفقاً حين استعان بأستاذ الطب النفسى أحمد عكاشة فى تدعيم الشخصية، حيث تعامل حلمى مع الوالد الميت، كما لو كان موجودا فى كل أموره، وفى نفس الوقت لم يحدث بينه وبين زوجته أى اتصال حسى ، والحوار جاء مركزا ومعبرا عن حالة كل شخصية، ويبدو أنه ذاكر "الإفيهات" جيدا ووضعها فى مكانها.

وأثبت خالد مرعى فى ثانى تجربة إخراجية له أنه طاقة فنية أهدرت طويلا فى المونتاج، الذى أفاده بكل تأكيد فى تكوين كادراته واختيار زواياه، إلى جانب الاستعانة بالجرافيك فى عدد من المشاهد. الفيلم يعد نقلة نوعية لأحمد حلمى ومغامرة محسوبة للخروج من أسر الكوميديا التى يصر زملاؤه على حصر أنفسهم فيها، رغم امتلاك بعضهم طاقات فنية هائلة، لقد أثبت حلمى أنه يعرف جيدا ما يريد. الآن فقط أدركت مدى حيرته فى الاستقرار على نص مناسب بعد فيلمه الأخير "كدة رضا"، وتأكدت أنه يعطى لكل واحد من أسرة الفيلم حقه الذى يفهم فيه، فلا يتدخل فى النص للحصول على مزيد من المشاهد واللقطات أو الإفيهات اللفظية أو الحركية. وأراهن من الآن على أن حلمى قادر على أن يقدم المزيد لإحساسه بأن الفن مسئولية قبل أى شىء آخر.

الفيلم أظهر رغم بساطة الدور القدرات الهائلة لفنان بحجم محمود حميدة، ويجب أن نرفع له القبعة لقبوله الدور. وكان اختيار دلال عبد العزيز موفقا، رغم حالة السمنة التى بدت عليها. أما منة شلبى فكانت رغم نمطية الدور مستمتعة بالأداء التلقائى الذى عودتنا عليه دائما، وجاء أداء الممثل محمد شرف مبهرا، وهو ما ينطبق على أداء الفنان سامى مغاورى فى تجسيده لشخصية الطبيب. الفيلم احتوى على هنات بسيطة، منها ارتداء الجنود الذين حاولوا منع "حلمى" من الوصول إلى القصر الجمهورى ملابس الأمن المركزى، رغم أنهم من الحرس الجمهورى، واختيار تيمات موسيقية غربية صارخة والاستعاضة بالجرافيك عن مشاهد كان يمكن أن تكون أفضل حال تصويرها حية.

أحمد حلمى .. أنت على الطريق الصحيح الذى نأمل أن يحذوه زملاؤك، وعليك أن تدرك أن فيلما واحدا فى السنة... لا يكفى.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة