خالد الشريف

علمانية متطرفة

الخميس، 31 يوليو 2008 12:20 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
بشهادة الجميع، الخصوم قبل المؤيدين، نجح حزب العدالة والتنمية التركى صاحب الخلفية الإسلامية فى إحداث نقلة سياسية واقتصادية فى تركيا، بدليل أن حجم الاستثمارات الأجنبية وصل إلى ‏22‏ مليار دولار، فى ظل حكمه للبلاد، وكان معدل الاستثمار الأجنبى قبل وصول العدالة إلى السلطة أقل من مليار دولار سنويًا.

لذلك فإن الشعب التركى لم ينتخب العدالة من فراغ، ويُحْسَبُ له أيضا أنه رغم توجهاته الإسلامية لم يصطدم مع المؤسسة العسكرية التركية الراعية للتوجه العلمانى.. إلا أن التيار العلمانى المتطرف، الذى أخفق على مدى سبعين عامًا فى حكم تركيا، سواء على المستوى السياسى أم الاقتصادى، راح يستنفر كل قواه لِحَظْرِ حزب العدالة، وتجميد قياداته، عن طريق المحكمة الدستورية، فلم تكن العلمانية المتطرفة ومؤسساتها لتقف مكتوفة الأيدى، وهى ترى أصحاب الأيدى المتوضئة يسيطرون على مؤسسات البلاد السيادية، كالبرلمان، ورئاسة الحكومة، ورئاسة الجمهورية، ويسعون لتحرير البلاد من سيطرة قبضة العلمانيين المتطرفين عبر إقرار تعديلات قانونية ودستورية مختلفة، آخرها تخفيف القيود المفروضة على حجاب طالبات الجامعات.

لقد فشل العلمانيون مرارًا فى تحريك الشارع التركى ضد عبد الله جول أثناء ترشيحه لرئاسة تركيا، بدعوى انتمائه إلى التيار الإسلامى، ونجح جول، ودخلت القصر الرئاسى أول امرأة محجبة، لسبب بسيط، وهو أن التيار العلمانى المتطرف يمثل أقلية فى الشارع التركى، والدليل على ذلك فشله المتكرر فى الانتخابات البرلمانية، وربما تكمن قوة هذا التيار فى رعاية المؤسسة العسكرية له، وتمكينه إعلاميًّا وسياسيًّا عبر مختلف وسائل الدعم التى يملك العسكر خيوطها.

ومن المعروف أن المؤسسة العسكرية أحجمت عن أساليبها الانقلابية القديمة، بسبب رفض الاتحاد الأوربى الذى تسعى تركيا لعضويته لفكرة الانقلاب على الديمقراطية، لذلك لجأوا مُؤَخَّرًا للمحكمة الدستورية لحظر العدالة بديلاً عن الانقلاب، وإنك لتعجب حينما تعرف أن عدد الأحزاب الإسلامية والكردية التى تم حظرها منذ 1970 بلغ ‏24‏ حزبًا، مما يدل على التعنت العلمانى واحتكاره للسلطة.

الخوف الذى يتملك العلمانيين يكمن فى إلحاق تركيا بالعالم العربى الإسلامى، وتكريس مشروع أسلمة قوانينه، مع أن الواقع والتاريخ يقران بأن الشعب التركى إسلامى بتدينه عربى بروحه، وأن تركيا لا تستطيع أن تنفصم عن الإسلام

ورغم كل هذا التعنت العلمانى فنحن واثقون أن حزب العدالة سيتجاوز محنته، فقياداته تملك مرونة سياسة لا تقف عند حد، وقد استعدوا بتكوين حزب بديل فى حالة حظر الحزب، أو دخول الانتخابات البرلمانية كمستقلين وتشكيل حزب بعد الفوز، لأنهم واثقون أن الشعب والحق معهم .. إنّ إسلامِيِّى تركيا نموذج فريد فى العمل السياسى، ليت الإسلاميين العرب يتعلمون منهم.. أم أن الوقت لم يحن بعد للتعلم؟!








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة