حمدى الحسينى

الحسناء والكهل

الثلاثاء، 08 يوليو 2008 12:24 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى الصيف الماضى أوقف كمين للشرطة سيارة ملاكى، عند مدخل مصيف رأس البر الشهير، وكان بداخل السيارة ثلاثة أشخاص، السائق وفتاة جميلة ترتدى فستان الزفاف،أما الشخص الثالث كان مسناً عربياً.

كانت الساعة قد جاوزت الثالثة صباحاً. الضابط استفسر كالعادة فى هذا التوقيت عن العلاقة التى تربطهم، بسرعة مد الكهل يده فى جيبه، وأخرج ورقة عبارة عن عقد زواج عرفى بالفتاة الجالسة بجواره ... الضابط طلب منهم جميعاً النزول من السيارة، فوجئ بالكهل غير قادر على المشى بمفرده، ولا يستطيع الوقوف على قدميه بدون مساعدة، نظر بشفقة إلى الفتاة ثم طلب منهم إبراز وثائقهم، ففوجئ أيضاً بأن الفتاة لا يتجاوز عمرها العشرين عاماً، بينما الزوج تخطى السبعين ..الضابط أصيب بالحيرة أمام هذا الموقف.. ضميره المهنى حتم عليه أن يوقف هذه "الزيجة" أو بالأحرى "الصفقة"..

أجرى بعض الاتصالات مع زملائه ومرؤوسيه، ثم تناقش مع العروس، فعرف منها أنها المرة الأولى التى ترى فيها هذا العريس، وأن جارهم اصطحبه معه من البلد النفطى، وعرض عليها الزواج مقابل أن يقدم لها كمية كبيرة من الذهب والأموال.. الفتاة رفضت فى البداية، لكن دموع والدتها وإلحاح والدها البسيط دفعاها للقبول مرغمة بالزواج من هذا الكهل العجوز، بعد الإنصات لها.. الضابط قرر عرقلة الصفقة وعدم إتمام زواج الكهل بحسناء المنصورة الصغيرة، بعد أن تبين عدم توثيق العقد العرفى.

لذلك.. حسنا ما فعلته وزارة العدل مؤخراً، عندما أصدرت قراراً يرفض توثيق أى عقود زواج عرب بمصريات، إذا كان سن الزوج يزيد عن عمر الفتاة بأكثر من 25 عاماً، كما تضمن القرار ضوابط عديدة تضمن للفتاة بعض الحقوق المادية المعقولة. الصدفة وحدها أنقذت مستقبل حسناء المنصورة من السقوط فى براثن عجوز لم يحترم سنه، ووافق على استغلال فتاة فى عمر أحفاده بطريقة لا يقبلها على بناته ولا بنات وطنه، فضلاً عن تعارض فعلته مع القوانين والشرائع والأعراف أيضاً.

مع حلول الصيف ووصول الإخوة العرب إلى أم "الدنيا"، فإن الكثير منهم يضع الزواج من فتاة مصرية صغيرة فى مقدمة أولوياته ..الأمر لن يكلفه سوى عدة آلاف من الجنيهات يدفعها لوالد الفتاة، ثم مثلها لواحد من سماسرة البشر المنتشرين فى ريف "الحوامدية" الملاصقة للجيزة ..فى هذه المدينة شرذمة من الأشخاص فقدوا رجولتهم وكرامتهم ..هؤلاء حولوا أغلب بنات الطبقات الفقيرة فى هذه المنطقة إلى سوق "نخاسة" جديدة.

المؤسف أنهم يمارسون نشاطهم المخزى، تحت سمع وبصر الجميع دون أن يشعروا بالخجل من أنفسهم، بعد أن فقدوا حمرة الدم .. هذه القضية ليست جديدة، بل تتجدد مع كل صيف حيث تشهد انتعاشاً ورواجاً غير معتاد طوال فترة وجود الإخوة العرب فى مصر خلال إجازة الصيف. الحوامدية والقرى التابعة لها، كانت فى السابق الهدف السهل للسماسرة، نظراً لقربها من العاصمة وتدهور أوضاع مواطنيها الاقتصادية، مما يدفع العديد منهم إلى التفريط فى بناتهم بهذه الطريقة المحزنة والمخزية.

أما الآن فإن بعض الإخوة العرب بدأوا فى دراسة خريطة توزيع جمال الفتيات فى محافظات مصر، وتوصلوا إلى أن فتيات المنصورة والشرقية هن الأكثر جمالاً وأنوثة، فقرروا الزحف إلى قرى هذه المحافظات، مستغلين حالة الغلاء وتردى الأوضاع وتفشى الفقر وانتشار الجهل والسذاجة .. أتصور أن منظمات حقوق الإنسان يجب أن تتحرك للتصدى لهذه الظاهرة، من خلال فضح أطرافها، خاصة طائفة السماسرة والوسطاء.

أقترح على الشباب المتعلم فى الحوامدية والمناطق الأخرى، التى تنشط فيها هذه الظاهرة، أن ينتشروا بين أسر هذه الفتيات، ويكثفوا من توعية الآباء والأمهات وأن تقوم الجامعيات بنفس الدور مع الفتيات، فى وقفة اجتماعية ضد هذا النوع من تجارة البشر، التى لا تليق ببلد بحجم مصر ووزنها الحضارى، خاصة ونحن على أعتاب الألفية الثالثة.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة