أعجبنى إصرار الفنانة فيفى عبده، على تغيير مخرج مسلسلها الجديد "قمر" المقرر عرضه خلال شهر رمضان المقبل، هذا الإصرار يبرز مدى قوة فيفى عبده أمام رؤوس الأموال وصراع الفضائيات، وأيضا أمام أعضاء مجلسى نقابة المهن التمثيلية والسينمائية والذين استجابوا لطلبها ولرغبتها فى العمل "على مزاجها"، ومع المخرج الذى ترى أنه ينفذ طلباتها كونها البطلة المطلقة للعمل، وقبل هذا وهو الأهم أنها صاحبة القصة وشاركت بشكل فعال فى كتابة السيناريو والحوار، ووضعت الملامح الرئيسية لكل شخصيات المسلسل، وطلبت من المؤلف الأصلى عزت آدم ألا يزيد من مشاهد شخصيتها فى الأحداث على حساب باقى الشخصيات، وعندما رفض قامت بتغييره بمؤلف آخر من الباطن "مقابل قرشين" يلبى لها طلباتها.
الكارثة أن المخرج هانى إسماعيل، وافق فى بداية التصوير على كل طلبات فيفى التى كانت وراء اختياره بعدما تعذر الاستعانة بآخرين، ونسى أن من يعمل مع فيفى عليه القبول بكل تدخلاتها وإنكار ذاته وأدواته الجيدة التى برزت بصورة واضحة فى مسلسل "سوق العصر" ومن قبله "حمزة وبناته الخمسة"، ثم راح فى خبر كان بعد ذلك.
ويبدو أن لعاب المخرجين أصبح يسيل أمام أى عرض يقدم إليهم من أى شركة إنتاج أو أى نجم أو نجمة، بغض النظر عن جودة النص أو مضمونه أو الهدف منه، أو اكتمال كتابته من عدمه. الست فيفى على يقين من أنها مطلوبة فضائياً وأرضياً، وأن شركات الإنتاج تدفع لها مقابلاً بخلت به على ليلى علوى فى مسلسل "ليلة الرؤية"، ورغم كرمها الحاتمى المعروف عنها مع أعضاء فرقتها الموسيقية والعاملين فى بلاتوهات التصوير، إلا أنها باتت تتعامل مع الجميع على اعتبار أنها صاحبة فضل عليهم، كونها التى تقوم باختيار مؤلفيها ومخرجيها وما إلى ذلك.
عشت تفاصيل كتابة مسلسل "طائر الحب"، الذى قامت ببطولته قبل ثلاثة أعوام فيفى عبده، للمؤلف أحمد عبد القوى الذى وضع عدداً من الترشيحات لمن تقوم بالبطولة، ومن بينهن ميرفت أمين ورغدة وآثار الحكيم، على اعتبار أن الشخصية الرئيسية فى الأحداث لرئيسة تحرير مجلة تتصدى للعديد من قضايا الفساد وعلى رأسها تهريب الآثار، وفجأة طرح المنتج شريف عبد العظيم اسم فيفى على قناة "الراى" الكويتية لتشاركه إنتاج أى مسلسل تقوم ببطولته، ووقع الاختيار على "طائر الحب" وعلى المخرج مصطفى الشال الذى برز وقتها فى إخراج الأعمال الدينية ومنها "الليث بن سعد" و"ابن ماجة" و"الشيخ الشعراوى"، وبقدرة فيفى عبده وبناء على الاتساق الدرامى، تم تحويل شخصية البطلة إلى رئيسة لمجلس إدارة المجلة، على اعتبار أن الجمهور لن يقتنع بفيفى كرئيسة تحرير، وأسندت مهام رئاسة التحرير فى الأحداث إلى الفنان أحمد راتب ليتلقى تعليماته من الست فيفى.
وتكرر الأمر نفسه مع مسلسلى "سوق الخضار" و"أزهار" ومسرحية "إدلعى يا دوسة". ما حدث من فيفى عبده يحدث من جميع النجوم والنجمات الذين يكرسون لنظرية النجم الأوحد والمطلق فى المسلسلات التليفزيونية، يحدث بالكربون ولكن بصور مختلفة وتتم السيطرة عليه ولا يخرج إلى العلن، كما حدث مع مسلسل "قمر"، حيث يفرض الجميع شروطه على جهات الإنتاج وعلى المؤلفين ليقوموا بالتعديل والحذف والإضافة التى تتناسب وما يرونه لضرورة العمل، وأيضاً على المخرجين اختيار ممثلين وممثلات وفنيين بأعينهم، وتصل الأمور إلى اختيار زوايا تصوير بعينها.
قديماً كانت البطولة التليفزيونية المطلقة للنصوص الدرامية الجيدة، فبرزت أسماء مؤلفين لا تزال أعمالهم محفورة فى الوجدان وفى الذاكرة من أمثال محسن زايد ووحيد حامد وأسامة أنور عكاشة ومحمد جلال عبد القوى ويسرى الجندى، أما الآن فأصبحت الأمور "سمك لبن تمر هندى"، وبعدما سحبت سوريا البساط من الدراما المصرية فى الأعمال التاريخية والدينية ها هى فى طريقها لتكرار الشىء نفسه فى الدراما الاجتماعية. أرجوكم لا تدفنوا رؤوسكم فى الرمال طويلاً، حتى لا تصابوا بالسكتة الإبداعية، ولا تلوموا فيفى، فهى كانت أكثر جرأة ووضوحاً وإصراراً على ما تريد، وعليكم أن ترفعوا لها القبعة وتهتفوا لها "إدلعى يا قمر".