جمال الشناوى

حمام .. أمن دولة

السبت، 16 أغسطس 2008 01:46 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
هربت شمالاً من حر أغسطس، وحالة نادرة من التوتر الداخلى سيطرت على منذ أول أغسطس، يسمونها أزمات منتصف العمر.. وأراها نتاجا طبيعيا لأجواء العشوائية التى نعيشها جميعا .. اللص يقف منشيا أمام الكاميرات يلقى العظات ويتحدث باسم الرب، ويعلن احتكاره للمعارف جميعا .. النصاب يتقدم الصفوف يهيمن ويقود ويتلون فى اليوم ألف مرة حالة من "القرف"، الكثيرون يصفقون أملا فى الانضمام إلى طابور الفساد، الذى يغطى عين الشمس فى بلادى .. أجواء خانقة فقدت معها قدرتى المعتادة على الاحتمال.. وقررت قبول نصيحة صديق لى بالسفر مع أسرتى إلى أحد الشواطئ، فكرت كثيرا فى المكان حتى توصلت إلى قرار بتقليد علية القوم – على غير عادتى- وقلت للجميع "أنا رايح الساحل" ولكن أين؟ هذا هو المهم بدأت أراجع الأصدقاء لمساعدتى، وأخيرا وجدت الفرصة لدى زميل مصور صحفى بإحدى الصحف القومية، يمتلك فيلا فى الساحل، المهم تسلمت المفتاح إلى الساحل ومعه عدد من "كارنيهات "الدخول إلى عدد من القرى السياحية "العامة والخاصة".

وللمرة الأولى منذ سنوات أجدنى متشبثا بالإجازة, فقد كنت على شفا الانفجار.. ومر اليوم الأول ممتعا, خاصة وأنا أرى الفرح فى عيون أبنائى.. المهم اتصلت بصاحب الفيلا الخبير فى شئون الساحل.. أشكره وأطلب منه مد الإيجار ليوم إضافى ولأنه صديق سألنى عن الأماكن التى زرتها, حتى باغتنى بسؤال عن القرى التى ذهبت إليها.. ووجدته ينصحنى بالذهاب إلى إحداها حيث الخدمات فيها فائقة الروعة.. وقال الخدمة هناك خمس نجوم.

وفى الصباح ذهبت أنا وأسرتى إلى هناك.. على الباب حراس مسلحون.. وما أن تعبر البوابة الرئيسية تشعر بأنك عبرت إلى الشاطئ الآخر من البحر أنها أوروبا.. طراز المبانى وشكلها أقرب إلى ما أسمعه عن الجنوب الفرنسى.. ها هو حمام السباحة.. هو أقرب إلى المواصفات الأولمبية.. عامل اقترب مسرعا "تحب تقعد فين يا فندم" لا أعرف لماذا عاد الضيق إلى، أشرت إلى مكان خالٍ بالقرب من حمام الأطفال، وفى ثوان معدودة تم نصب شمسية وأسفلها منضدة وأربع كراسى.. سألته عن الحساب فقال: "كله ستة جنيه" شعرت فجأة أننى من الأثرياء، وأنا أضع فى يده عشرين جنيها وأشكره.. أكثر من ساعة وأنا أقاوم رغبة داخلية للقفز فى الماء بملابسى، وهى رغبة تتوافق مع صيحات أبنائى بالنزول.. وأخيرا وجدتنى التزم بالتعليمات المكتوبة ونزلت إلى الماء بالمايوه.. ويبدو أن كل شىء مختلف فى هذه القرية، فالماء يذيب الهموم وأوجاع القلب بأنواعها.. وقفزت إلى حمام الكبار وبدأت العوم..

ولكن ما يطفو فوق سطح الماء من كلمات كان مثيرا.. مجموعات من أربع أو خمس أشخاص.. التزاما بقانون الطوارئ يتحدثون بأخبار كانت أكثر إغراء لصحفى من ماء الحمام الأزرق.. وجدتنى أتجول حول المجموعات.. أحدهم يقول، لا هما اتخلصوا منه بس بشياكة، نقلوه لمكان يعمل فيه فلوس قبل المعاش، لأن الراجل الكبير مش عاوزه.. يرد آخر ليه يا فندم هوه كان مطيع ومش عامل إزعاج.. بس أنا شايف أنه قعد نايب لفترة كفاية، ومش ممكن يستمر، وتواصل الحديث عن تنقلات قيادات الشرطة ..فردا فرداً.

محمود محيى وما تردد عن ترشيحه رئيساً للوزراء.. أحدهم قال الموضوع ده مقصود.. لأن الخلافات كبيرة فى الوزارة، نظيف حرق رشيد والدور على محيى الدين.. يرد أحدهم الموضوع اتبحث عندنا بس نظيف قلقان بجد، وبدأ يفتح مشاريع قديمة ويلف المحافظات عشان يقول للراجل الكبير أنى شغال.. بس ليه رشيد ومحيى الدين، واحد فى البرازيل والتانى فى شرق أسيا ونظيف بيطارد الصحفيين بتصريحاته.. سؤال قاله أحدهم، وجاءه الرد فعلا هوه قلقان بس مش قبل العيد هيكون فيه تغيير.. ثالث يقول فيه وزراء خلاص بالنسبة لهم مسألة وقت زى مصيلحى وبتاع التعليم والمفاجأة فى يوسف بطرس وكمان فاروق حسنى، ويمكن أنس الفقى..

ثلاث ساعات وأنا أسبح فوق بحيرة من المعلومات، بعضها كان جديدا أسمعه للمرة الأولى والباقى يتردد بين النخبة.. كانت حالة أقرب إلى السكر البين نتيجة تعاطى كم هائل من الأخبار مرة واحدة، ولم أفق منها إلا على صوت أولادى.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة