وجه الشبه بين وزير الصحة الدكتور حاتم الجبلى وأمير المؤمنين الفاروق عمر بن الخطاب قريب جداً، لدرجة أن المواطن المؤمن البسيط لن يستطيع أن يفرق بينهما بسهولة، أمير المؤمنين كان يمشى على قدميه ليلاً لمراقبة أحوال الرعية، والوزير يتخفى فى زى مواطن عادى ويستقل تاكسياً أو مواصلة عامة أو "توك توكًا" ليقوم بزيارة مفاجئة إلى مستشفى عام فى منطقة شعبية، أو وحدة صحية فى محافظة نائية.
لا يكاد يمر شهر تقريبا إلا وتدهشنا الصحف بمفاجآت الجبلى التى لا تنتهى، آخرها ما نشرته صحيفة حكومية مؤخراً عن هبوط الجبلى إلى الإسكندرية هبوطاً مفاجئاً، داهم فيه 4 مستشفيات هناك، وكانت حصيلة المفاجأة: شهر مكافأة للعاملين بمستشفى رأس التين، و3 أشهر لمديرة الأنفوشى، وخصم 10 أيام من مدير أبى قير.
سياسة وزير الصحة واضحة منذ البداية: رب صدفة خير من ألف ميعاد، ومعنا ستندهش، والحضور الجسدى أهم من وضع خطوط وقواعد عامة يسير عليها الجميع. وإذا كان الشىء بالشىء يُنشر، فقد نشرت الصحف الصادرة فى نفس اليوم عدداً من الأخبار التى تؤكد نجاح سياسة الوزير المبتكرة، التى تقوم بشكل أساسى، على أهمية التصوير مع سائق تاكسى رفض تقاضى الأجرة، لأنه لم يصدق أن الوزير شرّف سيارته بركوبها.
الجريدة الحكومية نفسها نشرت متابعة لحريق المستشفى النفسى فى شبين الكوم، الذى أثار ذعر نزلاء المستشفى، وتم إخلاؤهم من غرفهم، وإجلاؤهم إلى مستشفى الصدر المجاورة. كل الجرائد اليومية تقريباً تابعت حريقاً أكبر بمستشفى الحسين، أدى إلى هروب 1100 مريض إلى الشارع، فى مشهد أشبه بزلزال 92 الشهير، حيث تدافعوا من كل حدب وصوب، وقفزوا من النوافذ، وأصيب بعضهم من شدة الزحام، وكان المشهد الأكثر تأثيراً هو مشهد المرضى يحملون بعضهم بالمحاليل وأكياس الدم ويهرولون، الروح غالية، ربما كان الجبلى وقتها يفكر فى وسيلة مواصلات غير مسبوقة لزيارة محل حلاق صحة، يقوم بعمليات الختان للأطفال بأدوات غير معقمة.
الجرائد المستقلة نشرت فى نفس اليوم، على سبيل المثال لا الحصر، خبراً عن عامل يتهم طبيبين بمستشفى التأمين الصحى بمدينة نصر بإصابته بالعمى بسبب الإهمال، وخبراً آخر عن إغلاق عيادة استشارى كبد فى فيصل لإعطائه عقاقير مجهولة المصدر لمرضى فيروس "c"، وثالثاً عن وقائع فساد فى "المصل واللقاح" تصل حصيلتها المهدرة إلى أكثر من 100 مليون جنيه، منها استيراد أمصال فاسدة لشلل الأطفال بـ 23 مليوناً، وخبراً ليس أخيراً عن تعطل ثلاجات الموتى بمستشفى العريش العام، وتحلل الجثث داخلها بعد إصابتها بالتعفن الرمى، وانتشار الحشرات بها، لدرجة تعدد شكاوى أهالى المنطقة المحيطة بالمستشفى من الرائحة الكريهة.
وجه الشبه بين ابن الخطاب والجبلى قريب جداً، حكمت فعدلت فأمنت فنمت يا حاتم.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة