شلل مرورى فى وسط البلد، طوارئ فى مقرات الدفاع المدنى، القوات المسلحة ـ بجلالة قدرها ـ نزلت إلى ميدان التحرير ومنه إلى حى عابدين لتشارك فى إطفاء نار الشورى، ووردة تقول "جرب نار الشورى" والفضائيات تذيع، لو قولت ذيع هنذيع ولو مش عايز تذيع مش هنذيع، محطات الإذاعة توقفت عن بث الإرسال، واكتفت ببث "مارشات عسكرية وقرآن" فجأة قام المذيع وأرتج الراديو ثم قال: مجلس الشورى ولع يا رجالة .. فوقف الخلق ينظرون جميعاً كيف تبات نار وتصبح نار يا حبيبى نار، ثم هتف الجميع " شورى.. شورى.. شورى كلنا كده عايزين شورى .. شورى للشعب الشمتان تحت الراية المكسورة.
أنباء عن شلل مرورى آخر فى وسط البلد، ليس بسبب حريق الشورى هذه المرة، ولكن بسبب تفقد سيادة الرئيس لتداعيات الحريق، صحف المعارضة تقول "الأمن مستتب" والصحف المستقلة تقول "كل شىء راح وانقضى" والرك كله ليس على حريق المبنى الفخم، لكن الرك كل الرك على الوثائق ودفتر أحوال الوطن المسجل فى أوراق مجلس الشورى" والرك كله ركيته فيك الرك كله.
الجميع يندب "وثائق الوطن راحت وثائق الوطن ضاعت" ولا أحد يعرف أين كانت الوثائق، ولا أحد يدرى أين يقع هذا الوطن.
فجأة تحول الموضوع من حريق مبنى سيادى له هيبته وصولجانه إلى حريق الوثائق أو سلامتها، ثم طلع أحمد عز علينا من ثنايا الجرائد ليقول: كله فى "السيف سايد" يا جدعان، وأحمد عز لا يكذب لكنه أحياناً يتجمل، وإن كان المتفزلكون يقولون إن نصف الحقيقة كذب كامل، أحمد عز رجل الأعمال الأسرع وصولاً، بذات نفسه قال: كل الوثائق محفوظة على سيديهات بالحزب الوطنى فى المبنى المطل على الكورنيش، والكورنيش أمان طبعاً لأنه لا قدر الله حال احتراق الحزب فالنيل أقرب إليه من جردل الطائرات الهيلوكوبتر.
ولكن ما لم يقله "عز" هو "بأى حق تكون وثائق مجلس نيابى محترم فى حوزة حزب، حتى ولو كان الحزب الحاكم؟ كما أنه لم يخبرنا بشرائه مبنى الشورى بعابدين، بالإضافة إلى مبنى الحزب بالكورنيش وفتحهم على بعض؟ بحيث يكون المجلس والحزب "أوسع حبتين" ولسان حالى يقول "والله محتمل لأن الأولاد كبروا وبقوا وزرا ونواب وأمناء لجان ومستحيل مبنى واحد يسعهم"، ولم يقل رجل الأعمال المفوه لماذا يحتفظ الحزب الوطنى بهذه الوثائق دون بقية الأحزاب، بدليل أن "حزب الأمة" مثلاً لا يمتلك نسخة منها، حزب الأمة ؟ مين حزب الأمة ده، وأخيراً لم يقل رجل الأعمال التحتية والسفلية والعلوية، هل السيديهات المحفوظ عليها الوثائق على علاقة بالمثل الشهير سيدى هات سيدى خد سيدى عليه العوض، أم أن الموضوع تشابه سيدى هات.
فى نفس ذات الوقت كان المنتخب المصرى لكرة القدم فى السودان، فى مهمة تجميل وجه "البشير"، وإطفاء حملة المحكمة الجنائية الدولية، على تجاوزاته أثناء أزمة دارفور، فمنى المنتخب بهزيمة ثقيلة شوهت وجهه أمام العالم، وما زاد الطين بلة، منح الرئيس السودانى لكل لاعب مصرى مبلغ عشرة آلاف دولار، على سبيل التعويض، فثار الشعب السودانى الشقيق غضباً على حاكمهم لاستحقاقهم كل دولار مما لهفة لاعبو مصر، وثار الجمهور المصرى غضباً من أداء المنتخب الهزيل، وهزيمته بوكسة من العيار الثقيل.
أنباء عن حرائق قرب دير العذرا بأسيوط، ونار الشورى لم تبرد بعد، والصحف تنذر بحرائق مماثلة فى كل الاتجاهات، ومنذ سنة تقريباً اشتعل جزء فى دار الكتب والوثائق القومية، وقبلها حريق مسرح قصر ثقافة بنى سويف، ومن قبل حريق أثر "المسافر خانة" وفى المناطق الشعبية يجلجل الدى جى فى الأفراح "حريقة ولع ولع نار" ويزيدون "وعلت؟" فيرد المعازيم "لسه".
حالة حريق يقف فيها شعبنا الوسيم الجميل المسالم، تذكرنا بموسم حرائق المخازن الحكومية السنوى فى آخر شهر يونيه، أى قبل ميعاد الجرد السنوى، وفى الغالب يكون المتسبب فى الحريق هو "أمين المخزن"، لكى يفلت من تهمة تبديد العهدة، فهل يحدث فى مصر الآن ما كان يحدث فى المخازن الحكومية، وهل شعر النظام المصرى أخيراً بشيخوخته وقرب أجله فقام بإحراق "مخازنه" ليفلت من تهمة تبديد الوطن؟
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة