عندما قدم المخرجون داود عبدالسيد وخيرى بشارة ومحمد خان، أفلامهم التى تنتمى للمدرسة الواقعية الجديدة ومنها "يوم حلو ويوم مر" و"الكيت كات" و"سارق الفرح" و"أحلام هند وكاميليا"، وخرجوا بكاميراتهم إلى الشوارع والمناطق العشوائية فى منتصف الثمانينيات من القرن الماضى قامت الدنيا ولم تقعد، خصوصاً مع عرض هذه الأفلام فى المهرجانات العربية والدولية، وتم اتهامهم بالإساءة لسمعة مصر، وفرض المنتجون والموزعون عليهم وعلى أفلامهم حصاراً شديداً، بل أطلق عليهم بعض زملائهم فى الوسط السينمائى ومنهم المخرج حسام الدين مصطفى مسمى"مخرجو الصراصير والبلاعات"، وتساءلوا لمصلحة من ننشر غسيلنا القذر؟، وبات رموز هذه المرحلة بلا عمل لفترات طويلة، وابتعد عنهم صناع السينما والمنتجون الذين تساءلوا بغرابة شديدة، لماذا نعمل مع مخرجين ينكأون الجراح، ويناقشون ويحللون الواقع الذى تعيشه بعض الشرائح البسيطة ممن يروق للبعض بوصفهم بالمهمشين!
والمفارقة أن الأيام انتصرت لهؤلاء المخرجين، وباتت أفلامهم من أهم الأعمال التى قدمتها السينما المصرية والعربية، ولكن ظل هناك اتفاق شبه ضمنى بين المنتجين على عدم العمل معهم، مرددين على مسامع المخرجين الشباب تحذيراً يقول "لا تفعلوا مثل هؤلاء حتى لا تجلسوا فى بيوتكم".
وظل الاقتراب من تلك المناطق فى الدراما، يثير الجدل ويفجر الأزمات مثلما حدث مؤخراً مع فيلم "حين ميسرة" للمخرج خالد يوسف، الذى لم يأت بجديد بل على العكس كان مباشراً وفجاً، قياساً بأعمال داود وخيرى وخان، خصوصاً وأن الفارق كبير بين أعمال تقدم بعين محبة وعاشقة لهؤلاء البنى أدمين، ومن يكتفى بالفرجة عليهم من خلف لوح زجاجى.
والمفارقة أن نجاح الفيلم، فتح شهية كتاب الدراما التليفزيونية على تقديم قضايا المهمشين، ومن يسكنون العشوائيات من خلال 5 مسلسلات دفعة واحدة ستعرض جميعها خلال شهر رمضان المقبل وهى"بنت من الزمن ده" و"قلب ميت" و"هيما .. أيام الضحك والدموع" و"بعد الفراق" و"قمر"، والتى ستكشف واقع العشوائيات متناولة شريحة المهمشين فى المجتمع المصرى، وهى المنطقة التى كانت تخشى الدراما التليفزيونية الاقتراب منها.
وبعيداً عن نظرية المؤامرة وأن هذه الأعمال ستنتج بأموال خليجية، لماذا لا يكون التليفزيون المصرى أكثر شجاعة ويعرض هذه الأعمال بدلاً من تجاهلها ورفض بثها، بحجة أنها تشوه الواقع المصرى، وكان من باب أولى أن تتولى جهات إنتاج مصرية تقديم هذه النوعية من المسلسلات، والتى سيراها المصريون فى الفضائيات رغم أنف رقابة التليفزيون المصرى وقنواته الأرضية.
وحتى لايتكرر مشهد، أصبحت تفاصيله محفوظة عن المؤلفين المتأمريين على مصر، والنجوم الذين يهرولون وراء الأموال الخليجية، ومشاكلنا نحن أولى بالحديث عنها ومناقشتها دون مواربة أو خجل.
علا الشافعى
بعيداً عن نظرية المؤامرة ... لماذا لا ننشر نحن غسيلنا القذر؟
الثلاثاء، 26 أغسطس 2008 12:19 ص
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة