خالد الشريف

رمضان والحكومة!

السبت، 30 أغسطس 2008 12:14 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
"اللهم بَلِّغْنَا رمضان"..من قلوبنا نهتف بتلك الكلمات بعد أن ضاقت علينا الدنيا، وتكالبت علينا الهموم، فلعل نسائم الرحمة فى رمضان تدركنا؛ لتُخْرِجَنا من تلك الأزمات التى تعتصر قلوبنا جميعا.. فَمْن منا لا يُعَانى الأَمَرَّيْنِ من أجل لقمة العيش؟ مَنْ مِنَّا لم يُصِبْهُ الهَمُّ والحزن مما آلت إليه الأوضاع فى بلادنا؛ من فسادٍ ينخر كالسوس، وكبتٍ ومُطَارَدَةٍ لكل معارض لسياسة الحكومة؟!

مَن مِنَّا لا يحزن لحال هذا المجتمع الذى تغيرتْ أخلاقه، وتبدَّلت أحواله، فما عاد يعرف شهامةً ولا مروءةً، ولا صِدْقًا ولا أمانة..وإنما غايةُ الكُلِّ تحصيل المال بأى ثمن، ولو كان على حساب الآخرين!

مَنْ مِنَّا يرضى عن أحوال حكومتنا الرشيدة التى تحكمنا بالحديد والنار، وتُكَمِّمُ الأفواه، وتَعُدُّ الأنفاس عن طريق قانون الطوارئ؟! وها هى تستقبل رمضان المعظم بظلم العباد، بدلًا من استقباله بالطاعات والتوبة!

ويبدو أنّ الحكومة لم تَعْتَبِرْ من "نيران الشورى" التى التهمت الأخضر واليابس فى ساعات معدودة( ولا ندرى أهى بفعل فاعل، أم كانت إهمالًا بشريا؟!). تلك النيران التى أحرقت قلب مصر، والتهمت تراث البلد، وهو أَمْرٌ يُحْزن كلَّ مصرى.. ولكن الحكومة الفاضلة بدلًا من أوبتها، وتوبتها من جرائمها فى حق هذا الشعب المسكين، والكَفِّ عن ظلم العباد الذين أثقلتهم الهموم القاسيات..راحتْ تستقبل رمضان بمزيد من الظلم والاعتقالات لأصحاب المكتبات الإسلامية فى القاهرة والمحافظات دون جريمة أو سبب، إلا بيع الكتب الإسلامية والمصاحف، التى يزداد الإقبال عليها فى رمضان!!

ولم ينتهِ الأمر بها عند هذا الحد، بل قامت بحملةِ إرهابٍ لجميع العاملين فى تلك المكتبات، بمن فيهم الفتيات والسيدات! "اللهم بلغنا رمضان بغفرانك، والعتق من نيرانك" .. نقولها ونحن نستقبل رمضان لنؤكد لإخواننا وأخواتنا الذى أدمنوا السهر وذبح الأوقات فى رمضان..أولئك الذين لم يعلموا أن الإنسان لن يجد جوهر إنسانيته فى رمضان، إلا فى مَعِيَّةِ الذكر، وحلاوةِ الأُنْسِ بالله، والصيام والقيام ، وقراءة القرآن ، وبذل الخير، وصلة الرحم، والعطف على جوعى المسلمين ومساكينهم.. ولن يجد الإنسان شيئًا من هذا، ولا حَفْنةً منه فى مطالعة شاشات الفضائيات بين مسلسلات وأفلام، تضر ولا تفيد، وتهدم ولا تبنى، والعقلاء لا يفعلون هذا.

ينبغى أن يكون رمضان موسم الإنسانية الأسمى؛ حيث تنبثق سلوكياتنا من ديننا الحنيف؛ لأن المشكلة الهادمة فى بنياننا، أننا نهتم بالمظهر، ولا نعتنى بالجوهر، ونأخذ بظواهر الأشياء لا بحقائقها..والواقع خير شاهدٍ على ذلك؛ فما زلنا نسرف فى الولائم، وننفق ببذخٍ ينافى روح رمضان، وسمو الإنسان على معانى الجسد إلى فضاء الروح.. وما زالت الزوجات يخترعن مشاكل كل عام، من طلب الملابس، وشراء الطعام، وصناعة الولائم التى يغلب عليها الإسراف والبذخ.

حتى صار رمضان وتوابعه التى اصطنعناها، ، عبئًا يماثل أعباء السنة كلها، حتى صارت البيوت ساحاتِ حرب وصراع تشتجر فيه الألفاظ وتصخب فيها الكلمات! موسم الطاعة، ومجاهدة النفس انقلب فى حياتنا-إلا من رحم الله- إلى موسم كسل يرفع فيه البعض شعار: إنى صائم..وكأن الصوم عبادة شعارها التثاؤب! رغم أنه الشهر الذى سَطَّرَتْ فيه هذه الأمة صفحاتِ النور بأقلامِ الضياءِ فى ميادين الحياة كلها، عِلمًا وعَمَلًا، وجهادًا وكفاحًا.

ومن العجائب التى يفعلها "الرمضانيون" أن المرأة تسير متبرجةً طول أحد عشر شهرًا، فإذا جاء رمضان، التزمت دينها، وارتدت حجابها، وهذا خير ونور، إلا أنه لا يدوم..فسَرْعَان ما يُطِلُّ الشعر بانقضاء الشهر، ويتعرى الجسد، وكأننا نتعبد رمضان لا ربَّه! وهذا يدل على انفصام فى الشخصية، وخَلَلٍ فى العزيمة، وضَعْفٍ فى الإيمان؛ فرَبُّ رمضان هو رَبُّ كُلِّ الشُّهُور، والحجاب فريضة ربانية، وواجب شرعى، لا يسقط بحالٍ ولا زمان! أتمنى أن نتوب إلى الله ونرجع ، ونقلع عن رذائل نفوسنا، وسخائم صدورنا، وفساد بواطننا؛ حتى ننطق جميعًا بالصوت الصادق المنبعث من القلب: اللهم بَلِّغْنَا رمضان بغفرانك، والعتق من نيرانك يا رب العالمين!








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة