كشف تقرير أخير عن نشاط لجنة السياحة البيئية بالاتحاد المصرى للغرف السياحية، عن مجموعة من السلبيات التى مازالت تقف حجر عثرة فى طريق نشاط السياحة الصحراوية فى مصر أحد أهم أنواع السياحة البيئية، ولعل أبرز تلك السلبيات فى مصر استمرار أمر نائب الحاكم العسكرى الفريق كمال حسن على رئيس مجلس الوزراء الأسبق رقم 5 لعام 1984، والذى يقيد التحركات بالكامل على مساحة 85% من مساحة الأراضى المصرية، ويفرض مرافقين عسكريين وتصاريح وموافقات.
ورغم انتهاء أسباب هذا الأمر الذى صدر منذ أربعة وعشرين عاماً، إلا أنه مازال قائماً، وتطور الأمر بفرض رسوم إضافية للمبيت فى العراء داخل الصحراء، وأشار التقرير إلى أنه تم رفع أكثر من مذكرة لرئيس الوزراء لإنهاء تلك المشكلة التى تعرقل رحلات السياحة الصحرواية، إلا أن الوضع مازال كما هو.
لقد تجسدت المعاناة التى يلاقيها السواح فيما يخص السياحة الصحراوية، فى واقعة حدثت فى نهاية شهر مارس الماضى، حيث داهم رئيس مجلس مدينة مطروح ومعه خمسة عشر شخصاً، معسكراً يضم مائة وخمسين سائحاً وسائحة هولنديين، وقاموا بهدم مطبخ المعسكر وطرد الطباخين والعمال، وفرض تسديد مبلغ عشرين ألف جنيه رسم مبيت بالعراء على أطراف كوردون مدينة مطروح، وتمكن المشرف على المعسكر من تخفيضها للنصف، وتم تسديدها نقداً وفوراً، ولكن المجموعة السياحية قامت بالطبع برفع شكوى بما حدث إلى رئيس الجمهورية، وتم كتابة تقرير برأى اللجنة حيال علاج هذا الموقف المؤسف، تم رفعه لرئيس الاتحاد المصرى للغرف السياحية, كما تم سرد الوقائع أمام لجنة الثقافة والإعلام والسياحة بمجلس الشعب، وتسجيل ما جاء فى اجتماع اللجنة ورفع تقرير به لرئيس مجلس الوزراء.
يأتى ذلك فى الوقت الذى أكد فيه المهندس ماجد جورج وزير الدولة لشئون البيئة، أن السياحة البيئية تعتبر من أهم الروافد المحققة للدخل السياحى ولمكاسب اجتماعية واقتصادية للمجتمعات المحلية، وقال إنه إيماناً من وزارة الدولة لشئون البيئة بأهمية السياحة البيئية - كسياحة مثقفة وواعية - قامت بحماية الأنظمة البيئية، والتى تضمن تكرار زيارات روادها للاستمتاع بطبيعة مصر الخلابة وثرواتها البيولوجية، بالإضافة إلى إقرار استراتيجية خاصة بالسياحة البيئية فى مصر عام 2005 والتى سبق تضمينها فى محاور الاستراتيجية الوطنية لصون التنوع البيولوجى منذ عام 1998، كما أنها أصبحت أحد المبادئ الأساسية لإعلان المحميات الطبيعية، وتضم شبكة المحميات الطبيعية حالياً 24 محمية على مساحة 10% من أرض مصر، ومن المخطط إعلان 16 محمية جديدة ليبلغ عددها 40 محمية حتى عام 2017، بما يوازى حتى 17% من مساحة الوطن، ويجدر الإشارة إلى أن نسبة 70% من هذه المحميات الحالية والمستقبلية تعتبر مناطق صحراوية ومقاصد متميزة للسياحة الصحراوية، وإيماناً بدور هذه المحميات الحالية والقادمة فقد تم وضعها على الخريطة الاستثمارية عام 2002.
لنا أن نعلم أن سياحة الصحراء فى مصر .. تعتبر سياحة واعدة، خاصة مع تزايد الإقبال عليها فى السنوات الأخيرة ومع تطور إمكانيات ومعدات السفارى، من عربات واتصالات وتوجيه بالأقمار الصناعية وتخييم وفنادق بيئية وخدمات جيدة، وهذه الوسائل جعلت من السياحة الصحراوية متعة للهواة ومحبى المغامرة، أيضاً ساهم ذلك فى تنظيم العديد من المسابقات الصحراوية للسيارات والموتوسيكلات والدراجات وتسلق الجبال والسير على الأقدام فى مواقع مختارة بعناية ومصانة بيئياً.
فهذا النوع من السياحة له جاذبية خاصة لعشاق الطبيعة، من محبى مشاهدة الكنوز الجيولوجية والتكوينات الجغرافية الرائعة، والحفريات التى تسجل عصور التاريخ. لذا أصبحت السياحة الصحراوية من أهم الأنواع المستحدثة التى تعتمد عليها العديد من البلاد العربية وتدرجها ضمن برامجها السياحية، وتروج لها بقوة، ولعل من أهم البلاد فى هذا المجال, تونس, الجزائر, المغرب, سلطنة عمان، وكذلك المملكة العربية السعودية.
وحتى تكتمل حسرتنا .. لنا أن نضيف إلى معلوماتنا أن مصر تعتبر بمساحتها "المليون كيلومتر مربع" جزءاً من صحراء شمال أفريقيا، أكبر صحراء فى العالم، والتى يقسمها وادى النيل إلى جزء غربى بنسبة 68% هى الصحراء الغربية، وجزء شرقى بنسبة 22% هى الصحراء الشرقية، وسيناء بنسبة 6%.
يظل السؤال: لماذا لا يتم استغلال كل هذه الإمكانات؟ وإلى متى سنكتفى بالتصفيق بيد واحدة؟ فى حين أننا لا نعرف معنى كلمة تكاتف وتعاون إلا فى كل ما هو هدام.