جميل أن تحقق بعثة مصر المشاركة فى دورة بكين الأولمبية للمعاقين "البارالمبية"، ميدالية بعد ميدالية.. برونز، فضة، ذهب، حتى احتلت المركز الـ 19 بين 145 دولة، كما تناقلت الرقم صفحات الرياضة وصفحة الإعلان الكاملة لمجموعة هيرميس، بما يلفت نظر المسئولين عن الرياضة ليستعدوا للحديث عن عبقرية الإنسان المصرى والإنجازات غير المسبوقة دائماً التى يحققها فى المواقف الصعبة (كل المواقف أصبحت صعبة علينا)، تمهيداً لإهداء الإنجاز للرئيس مبارك راعى الرياضة والرياضيين، وحتى يخرس المشككون فى الأداء الحكومى، وتلملم اللجنة المشكلة لتقصى الحقائق حول فشل الأصحاء فى دورة بكين العادية أوراقها وترحل، فإذا كنا فشلنا فى أولمبية فقد نجحنا فى بارالمبية، ويا دار ما دخلك شر ولا هم ولا حزن ولا ضغط عالٍ ولا كوارث.
وإلى الذين يستعدون بالطبل والزمر وصفحات الإعلانات الكاملة لتهنئة السيد الرئيس والسادة الوزراء والمسئولين وأعضاء مجلسى الشعب والشورى بما حققه أبطالنا المعاقون فى بارالمبية بكين أقول: لا داعٍ للفخر، اهدءوا فهذا الإنجاز طبيعى ومتوقع، لأننا يا أعزائى كلنا معاقون، فكيف لا نبرز فى دورة أولمبية للمعاقين.
لننظر بهدوء إلى أرقام المصابين بالالتهاب الكبدى الوبائى A-B-C والفشل الكلوى والسرطانات بأنواعها ودرجاتها وسوء التغذية وعدد المعاقين ذهنياً وبدنياً، لننظر بهدوء لعدد أطفال الشوارع ونساء الشوارع ورجال الشوارع ،لننظر بهدوء إلى عدد سكان المدافن (من الأحياء) وسكان العشش والعشوائيات الخطرة وغير الخطرة، لننظر بهدوء لعدد العاطلين عن العمل والنساء المعيلات والعائشين تحت خط الفقر، لننظر بهدوء إلى ضحايا الكوارث التى وقعت والمحتمل وقوعها، ولننظر إلى نسبة المعاقين عن ممارسة حقوقهم السياسية ونسبة المعاقين عن الحياة أصلاً لنكتشف شيئين، الأول كما قلت أننا جميعاً معاقون، وحتى أكون دقيقاً معاقون عن ممارسة الحياة بالنسبة الشهيرة للانتخابات المصرية العربية 99%، والشئ الثانى المكتشف أن مصر الريادة لابد أن تتفوق على غيرها من الدول العربية المعاقة، بأنها تستطيع توظيف إعاقتها المجتمعية، فى المحافل الدولية مثل دورة بكين البارالمبية.
مجدداً إلى الذين يستعدون بالطبل والزمر لاستخدام إنجاز زملائنا المعاقين فى بكين أقول: اهدءوا يا أعزائى كلنا معاقون، وإن لم تسنح لنا جميعاً الفرصة لنعبر عن إعاقتنا.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة